الأخبار المحلية تقارير ودراسات

الإمارات في اليمن.. اغتيالات وسجون سرية ومطالبات بمحاكمات دولية

الإمارات في اليمن.. اغتيالات وسجون سرية ومطالبات بمحاكمات دولية

الجديد برس : متابعات

يتكشف مسلسل الانتهاكات الإماراتية في اليمن يوماً تلو الآخر، وأصبح اسم أبوظبي مقروناً بالاغتيالات والسجون السرية والتعذيب، الذي تتخذه في سبيل إخضاع المناهضين لها وإسكات الأصوات الرافضة لما تقوم به بالبلاد.

وما بين 2015، العام الذي أعلنت السعودية والإمارات فيه دخولهما بتحالف لدعم الحكومة الشرعية باليمن ضد الحوثيين، وعام 2019، نفذت باليمن ما يزيد عن 100 عملية اغتيال، في حين تعرّض آلاف اليمنيين للاعتقال والإخفاء القسري في سجون سرية تديرها مليشيات تابعة لدولة الإمارات ومرتزقة أجانب.

ولعل آخر الأدلة التي تدين الإمارات ما كشفته قناة “الجزيرة” عبر فيلم وثائقي حمل عنوان “أحزمة الموت”، الذي تحدث عن تفاصيل ملفي الاغتيالات والسجون السرية بعدن اليمنية، ليكمل فصولاً من جرائم الإمارات المباشرة وعبر حلفائها في المناطق التي تتواجد بها جنوب اليمن.

عدن.. مدينة الموت

خلال السنوات الأربع الماضية أصبح اسم العاصمة اليمنية المؤقتة عدن مقروناً بالموت اغتيالاً، وبسجون سرية يمارس فيها الكثير من أشكال التعذيب.

في 25 نوفمبر 2019، نشرت قناة “الجزيرة” تحقيقاً عن ملفي الاغتيالات والسجون السرية، قالت إنها حصلت عليهما عبر محاضر تحقيق مع متهمين بتنفيذ عمليات اغتيال، وشهادات حصرية.

التحقيق ذكر أن المحاضر المسربة تقع في 87 صفحة، وتشمل إفادات 4 متهمين بالمشاركة في الاغتيالات، وتذكر الأسماء الكاملة للمتهمين الأربعة، وكل من يتعامل معهم، كما تضم اعترافات مفصلة باغتيالهم عدداً من أئمة عدن.

ونصت المحاضر على أن المسؤول الأول عن عصابة الاغتيالات في عدن كان يعمل مع الإماراتيين، وتحديداً مع ضابط إماراتي لقبه “أبو خليفة”، كما توثق إفادات المتهمين بأسماء الشخصيات المتورطة وأدوار المنفذين، بالإضافة إلى الجهات التي تمولها وتوجهها، وعلى رأسها قوات الحزام الأمني والاستخبارات الإماراتية.

وكان أخطر ما ورد في محاضر التحقيق أن عناصر من تنظيم القاعدة نفذت عمليات اغتيال بتوجيه من ضباط إماراتيين.

وتتوافق الاعترافات مع ما ورد في تقرير لفريق من الخبراء البارزين التابع لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، أكد أنه رغم اختلاف الخلفيات السياسية والفكرية لضحايا عمليات الاغتيال فإن ما يجمعهم هو تأثيرهم في المجتمع وانتقادهم العلني للإمارات والمليشيات التابعة لها.

دور المرتزقة.. وسجون سرية

ولم يتوقف الأمر عند تجنيد عملاء محليين للإمارات في اليمن؛ إذ لم يمض 20 يوماً على تحرير عدن من الحوثيين حتى بدأ الحديث عن استئجار مرتزقة أجانب لتنفيذ عمليات اغتيال لصالح الإمارات.

ونشر التحقيق الوثائقي صورة من عقد لشركة “سبير أوبريشن” الأمريكية، حصلت بموجبه على 1.5 مليون دولار، إضافة إلى علاوات عند تنفيذ أي عملية بنجاح، وكانت أول عملية للمجموعة استهداف العضو البارز في حزب الإصلاح بمدينة عدن، إنصاف علي مايو، ولكنها فشلت في اغتياله.

مرتزقة

ولم يقتصر دور المرتزقة الأجانب على عمليات الاغتيال، فقد استعانت بهم الإمارات في عمليات استجواب وتعذيب السجناء في السجون السرية التابعة لها.

وإضافة إلى ملف الاغتيالات تطرق تحقيق “أحزمة الموت” إلى ما يحدث داخل سجون الإمارات السرية في اليمن، التي يتعرض المعتقلون فيها لشتى أنواع التعذيب النفسي والبدني.

ورغم أهمية ملف المعتقلين فإن اتفاق الرياض بين الحكومة الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبوظبي، الذي وقع في 5 نوفمبر الجاري، قد تعمد تجاهل معاناة العشرات من المعتقلين في سجون القوات الإماراتية والموالية لها جنوبي البلاد، ما يزيد من معاناتهم إثر تغييب قضيتهم.

ملف دولي وتجب المحاكمة

يقول توفيق الحميدي، رئيس منظمة سام للحقوق والحريات ومقرها جنيف، إن ملف الاغتيالات والسجون السرية في اليمن أصبح “مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالإمارات والأحزمة الأمنية التي أنشأتها خلال الأربع السنوات الماضية”.

وفي حديثه لـ”الخليج أونلاين” قال الحميدي، إن سام كانت أول منظمة أصدرت تقريراً على السجون السرية بشهادة الإماراتيين أنفسهم، في مايو من عام 2017، تحدث فيه عن وجود 18 سجناً سرياً في محافظتي عدن وحضرموت، وما يتعرض له المعتقلون من انتهاكات فظيعة.

ويؤكد أن ملف المعتقلين في سجون الإمارات باليمن تحول، منذ منتصف 2017، إلى ملف دولي وتناولته المنظمات والإعلام، وتحول إلى “لعنة تطارد الإمارات”، مضيفاً: “لا يوجد أي تقرير أممي إلا وذكر عن السجون السرية بصورة تفصيلية والانتهاكات، إضافة إلى الاغتيالات التي كانت مؤرقة وما زالت في عدن حتى اليوم”.

وتابع: “في يناير 2018، أصدرنا تقريراً بعنوان (القاتل الخفي)، قدمنا فيه إحصائيات وشهادات موثقة وقراءة قانونية، بالإضافة إلى ما تناوله التقرير، إضافة إلى ما تسرب من وثائق من النيابة العامة بشأن القيادي في المجلس الانتقالي هاني بن بريك، ووقوفه خلف مقتل الداعية السلفي الراوي، وأصدرنا بياناً للمطالبة بالتحقيق مع بن بريك”.

بن بريك

وأشار إلى أن التحقيق الذي كشفته الجزيرة استمد قوته من اعتماده على شخص “يمكن تصنيفه بأنه محايد (مروان الكردي)، الذي كان في سجن بئر أحمد سيئ الصيت بعدن، وهو ما أعطى للتحقيق قوة إضافية لا يمكن الطعن بها”.

وأكد أن هذه المعلومات “تضعنا أمام استحقاق لملاحقة الأطراف، وفي مقدمتها الإمارات، التي مارست الاغتيالات وأنشأت السجون السرية، والبحث عن الأدوات والآليات القانونية التي يجب اتباعها خلال المرحلة القادمة، سواء أمام القضاء الدولي أو القضاء المحلي بصبغة دولية، للمطالبة بالتحقيق في الانتهاكات التي مورست ضد اليمنيين”.

فرصة للضحايا والمنظمات

من جانبه يرى المحامي اليمني عبد الرحمن برمان، أن ما ورد في الفيلم الوثائقي “يضع المنظمات الدولية ونشطاء حقوق الإنسان حول العالم أمام مسؤولية أخلاقية وإنسانية في ضرورة مساندة ضحايا هذه الانتهاكات، والتحرك السريع لتحريك الملف القانوني أمام القضاء، سواء في عدد من البلدان التي تسمح قوانينها بتحريك مثل هذه القضايا، أو أمام الجهات الدولية والقضاء الدولي”.

وأضاف في تصريح لـ”الخليج أونلاين”: “هذه فرصة للضحايا وأسرهم للتواصل مع هذه المنظمات، باعتبار أنه تمت إثارة هذا الموضوع من خلال الفيلم، وربما ستكون هناك استجابة وتحرك من قبل المنظمات ومحامين في كثير من بلدان العالم”.

عدن

وأشار إلى أن ما ورد في الفيلم “يعد بداية تأسيس وجمع الأدلة لإعداد ملف قانوني يمكن أن تستفيد منه المنظمات، التي يمكن أن تسعى في تحريك قضايا كهذه”، موضحاً أن ما تم عرضه “لم يكن ضمن مهاترات إعلامية، بل استند إلى معلومات وحقائق وأدلة لا يمكن الطعن فيها”.

وأكد وجود أدلة أخرى كثيرة لم تعرض، “يمكن أن تساند إعداد الملف القانوني؛ مثل قضايا حُقق فيها أمام النيابة العامة بعدن، واتضح أن الإمارات هي التي كانت تقف وراء هذه الاغتيالات وتأمر وتمول عملية تنفيذ هذه الاغتيالات”.

أرقام مرعبة

ولعل ما كشفته “الجزيرة” لم يكن إلا جزءاً بسيطاً من أرقام كبيرة؛ ففي أكتوبر الماضي، كشفت منظمة “رايتس رادار” لحقوق الإنسان في العالم العربي ومقرها أمستردام، عن رصدها 134 حالة اغتيال في مدينة عدن، منذ سبتمبر 2014 إلى يوليو 2019، تليها تعز حيث تنشط جماعة “أبو العباس” الموالية للإمارات، بعدد 113.

وقالت المنظمة إنها رصدت أيضاً حالات اغتيال في أبين ولحج 32 حالة لكل منهما، وحضرموت 27، وشبوة 17، والضالع 16، وهي مناطق تقع جميعها تحت سيطرة قوات موالية للإمارات.

وذكرت المعلومات اختفاء نحو 2000 يمني في السجون، كما اتهم فريق من خبراء الأمم المتحدة قوات الإمارات في اليمن بالمسؤولية إزاء أعمال التعذيب.

وفي وقت سابق نشر “الخليج أونلاين” وثيقة حصل عليها تؤكد تصفية 23 معتقلاً يمنياً داخل السجون السرية الإماراتية في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن.

اليمن

ووفقاً لكشف مرفق برسالة وجهها المعتقلون في سجن بئر أحمد، في يناير 2019، لوزير الداخلية اليمني أحمد الميسري، فإن المعتقلين تمت تصفيتهم في سجون “شلال، وأبو اليمامة، وصالح السيد، ويسران (قيادات موالية للإمارات)، وبئر أحمد القديم، والمنصورة”.

اليمن

الخليج أون لاين