الجديد برس : مقالات واراء
كتب / زيد البعوة
تقع قرية الجميمة في وسط جبل مران التابع لمديرية حيدان محافظة صعده قرية صغيره يسكنها عشرات الاسر الفقيرة كان يوجد فيها مدرسه اساسيه بنتها الأمم المتحدة وطاحون وبقاله ومسجد صغير تدمر مرتين وعدد من البيوت الصغيرة المتواضعة وعدد من السكان البسطاء الفقراء الذين انهكتهم الحروب اقتصادياً اما معنوياً فلم تستطع كل قوى الشر العالمية ان تنال من قوة نفسياتهم وشجاعتهم وصمودهم….
هذه القرية تتميز عن غيرها من القرى اليمنية ان السيد حسين بدرالدين سكنها ونشر هدى الله منها وتعرف عليه الكثير من الناس منها فكانت قرية الجميمة لها فضيلة الانطلاقة والتأسيس للمسيرة القرآنية …
الا ان هذه القرية مرت بمراحل مختلفة فكانت تنعم بالخير في عهد سيدها حسين ويتوافد اليها الناس لتلقف هدي القران من فم السيد المؤسس حتى ان احد اسمائها جو الامام فمنها انطلقت دروس معرفة الله ودروس شهر رمضان ومنها انطلق شعار الموت لأمريكا ولإسرائيل وكان لها شرف احتضان حفيد ال البيت عليهم السلام لعدد من الأعوام حتى عام 2004 حين قرر المعتدين بأمر من أمريكا الاعتداء والحرب على منطقة مران لإسكات الصوت الذي في احد بيوت قرية الجميمة الذي اقلق البيت الأبيض ودار الرئاسة يومها شنت الحرب على مران واستمرت لمدة ثلاثة اشهر تدمرت قرية الجميمة وتدمر منزل السيد حسين الذي استشهد هو ايضاً واصبح بعد عام 2004 يلقب بالشهيد القائد ….
سيطر الجيش الموالي لأمريكا على مران واتخذ من قرية الجميمة مقراً للقيادة اللواء العسكري التابع لعلي محسن الأحمر بقيادة عبد العزيز الشهاري من ذات المنزل الذي انطلق منه هدى الله منزل الشهيد القائد بعد ان اعادوا بنائه بشكل يتناسب معهم ولحسن الحظ وليست صدفه عابره انهم اتخذوا من مقام الشهيد القائد مصلى نفس المجلس الذي كان يلقي منه الشهيد القائد المحاضرات والدروس جعلوه مسجدا على الرغم انهم بعيدين من الصلاة حتى ان رئيس اليمن آنذاك علي صالح الملقب اليوم بالزعيم زار هذا المجلس وصلى فيه اربع ركعات امام الكاميرا كانت الأولى والأخيرة في حياته وكانت إرادة الله تقضي بأن يضل هذا المجلس دار عباده وهدي واستمر الجيش يسيطر على مران لمدة اربع سنوات يعبث بأمنها ويسجن رجالها ينهب ممتلكاتهم حتى جاء الامر من السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي بتطهير مران وطرد مرتزقة أمريكا منها في الحرب التي سميت بالحرب الخامسة التي شنت على صعده بحجة تفجير جامع بن سلمان فكانت الأمور عكس ما خطط له الأعداء حيث تحررت مران وهزمت السلطة يومها هزيمة نكراء ….
تحررت مران وتحررت قرية الجميمة وعاد أولاد الشهيد القائد ليرمموا ما تبقى من ركام منزلهم الذي لم يعد ابوهم يسكن فيه فقد بنى الله له قصراً في الجنة, قام يومها السيد عبد الملك بزيارة للمنطقة بعد ان كان قد اشتاق اليها بعد حرمان طال اربع سنوات والقى محاضرة في نفس المجلس الذي كان الشهيد القائد يلقي دروسه ومحاضراته منه ويلتقي بالناس فيه المجلس الذي صلى فيه (الزعيم) اربع ركعات التقى السيد عبد الملك بأهالي مران وأهالي قرية الجميمة وتحدث اليهم وجهاً لوجه وسبحوا بحمد ربهم واستغفروه مجسدين سورة الإخلاص التي امر الله نبيه فيها بالتسبيح والاستغفار عقب فتح مكة, لم يستقر قرار السلطة يومها ولم يرق لها الوضع فكانت تشتاط غضباً عقب الهزيمة التي حصلت لجيشها في مران وما أزال أتذكر كلام بعض الجنود الذين نجو حين تحدثوا الى الصحف بعد ان ولوا الى الحديدة وقالوا (شربنا البول واكلنا أوراق الشجر في الجميمة نتيجة الحصار) لم تدم فرحة أهالي مران وقرية الجميمة طويلاً حيث لم يمر عام الا وقد قرر النظام السابق بقيادة (الزعيم) شن حرب سادسة على صعده بشكل عام ومران بشكل خاص ….
جاءت الحرب السادسة وقصفت مران بالطائرات وتدمرت اغلب المنازل وتم تدمير منزل الشهيد القائد مرة أخرى واستمر الحرب لمدة ثمانية اشهر بمشاركة القوات السعودية الا ان المعتدين فشلوا ايضاً هذه المرة وهزموا هزيمة نكراء وبقية مران وبقية الجميمة رغم الدمار والشهداء
استكمالاً لما سبق عن قصة قرية الجميمة وما تعرضت له طول هذه السنوات :
انتهت الحرب السادسة على صعده في بداية عام 2009 كانت صعده هذه المرة اكثر دماراً وانهكها الحصار فعندما يصبح الركام والدمار حاله سنوية وبشكل متكرر وكل مرة اعنف من المرة السابقة وهكذا فهذا هو حال صعده وخاصة منطقة مران وقرية الجميمة …
كانت قرية الجميمة كلها حطام وركام نتيجة القصف المستمر والغارات التي شنها النظامين السعودي واليمني حينها الا انها نفضت الغبار واستعادت عافيتها فقد أصبح الركام بالنسبة لها حالة مألوفة تعود عليها الناس كحال بقية القرى وكان منزل الشهيد القائد مدمراً بالكامل ولكن صار لزاماً على الناس ان يستأنفوا حياتهم من جديد ويواصلوا مسيرتهم القرآنية مهما كان الامر , عاد أبناء الشهيد القائد هذه المرة ليبحثوا وسط الركام عن مكان ليبنوا لهم منزلاً يسكنوا فيه من جديد كما هو الحال بالنسبة لأبناء القرية والمنطقة والمحافظة غير منتظرين لاحد يعوضهم او يعمر ما دمرته الحروب ومشى الحال واستعاد الناس عافيتهم وحصلت متغيرات في المنطقة كان لأبناء مران فضيلة السبق فيها والمشاركة بكل عنفوان حيث تعرف الناس على الشهيد القائد في اغلب المحافظات اليمنية وتوافد الناس الى مران لزيارة منزل الشهيد القائد وجرف سلمان واستمعوا لعدد من القصص التي لا يستطيع ان يرويها احد في أعوام عن الحرب الأولى وبقية الحروب وعن الشهيد القائد حتى جاءت ثورة التغيير في عام 2011 التي شارك فيها أبناء صعده بشكل فعال واطاحت بالنظام السابق كان السيد عبد الملك يبحث عن مصير الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي دائماً وبشكل مستمر ويرسل وفود الى السلطة ويبحث ويبحث حتى تم العثور عليه والكشف عن مصيره في عام 2013 وتم الاتفاق على تسليمه لانصار الله بعد ان يتم فحص حمض الدي ان أي وتم ذلك وتم استلام الجثمان الذي ضل مخفياً على مدى اكثر من 12 عام وتم الاستعداد لتشييعه واستقباله بشكل يليق بعظمته في محافظة صعده حيث تم الإعلان رسمياً من قبل انصار الله عن استلام الجثمان الطاهر وتم تحديد موعد التشييع وتحديد المكان كانت قرية الجميمة لا تتمالك نفسها من الفرحة حين علمت ان السيد عبد الملك وجه بأن يتم دفن جثمانه الطاهر في قرية الجميمة …
تم التشييع والاستقبال في يوم الاربعاء الموافق 5/يونيوا/2013م اليوم الذي استشهد فيه القائد المؤسس السيد حسين بدرالدين الحوثي في منطقة القهرة الطلح بصعده حيث حظر التشييع الملايين من الناس من مختلف المحافظات اليمنية ومن مختلف الأحزاب والطوائف وحظر السيد عبد الملك حيث صلى بالناس صلاة الجنازة والقى في الناس خطاباً صغيراً والحزن بادياً على محياه وكانت الدموع تنزل من عيون الحاضرين كالمطر حزناً على فقده وفرحاً بعودته وبعد عصر ذلك اليوم تم نقل جثمانه الشريف الى قريته الجميمة التي استقبلته استقبال فريد من نوعه حيث كان الرجال والنساء ينتظرون وصوله وعودته بكل لهفه فكان الجميع متواجدين على جوانب الطريق الذي سيمر منها قائدهم الذي فارقوه على مدى 12 عام كانت الورود تتساقط على السيارة التي تحمله وكانت الدموع تتساقط من عيون أبناء منطقته وقريته تم دفن جثمانه في قبه متواضعة تم اعدادها سريعاً ومن هناء بدأت القصة التي يبد انها لن تنتهي:-
حيث علم الناس ان قائدهم وشهيدهم قد عاد وأصبح بإمكان الجميع زيارته في أي وقت في قريته الجميمة بجوار منزله
كانت الوفود من الناس تتقاطر على مقامه وضريحه الشريف كل يوم بشكل مستمر ليلاً ونهاراً من مختلف المناطق والمحافظات وحتى من دول غير اليمن كان العمل مستمراً في بناء وتجهيز مقام يليق بالشهيد القائد يستوعب الزوار والمحبين الذين تزداد اعدادهم بشكل اكبر يوماً بعد يوم واستمر العمل في البناء والتجهيز لمدة عامين حتى قررت دول العدوان السعودي الأمريكي ان تشن حرباً على اليمن .
في مثل هذا اليوم الموافق 8/ مايو / 2015 م ، من العام الماضي كانت قرية الجميمة على موعد من القصف والدمار والغارات المكثفة .
نستكمل معكم ما بدأناه في السابق من قصة قرية الجميمة فبعد ان قررت دول العدول العدوان السعودي الأمريكي شن عدوان غاشم على اليمن كانت هذه القرية على موعد من فصل جديد من الوحشية والاجرام ….
ففي ليلة السابع من شهر مايوا لم اعد اعرف اسم ذلك اليوم فانا نسيت اسمي من شدة هول ما جرى وبعد مرور ما يقارب اكثر من أربعين يوماً على العدوان السعودي الأمريكي على اليمن شنت طائرات العدوان في اخر الليل حوالى الساعة الثانية قبل الفجر غارتان استهدفت مقام وضريح الشهيد القائد في قرية الجميمة كنت نائماً في احد الكهوف مع اسرتي وسمعت الانفجارات لم اعلم بالضبط اين هي حتى جاء الفجر خرجت لكي اصلي الفجر ولكي ابحث عن مكان الغارات فكانت الصدمة فأول ما وقع نظري على مقام الشهيد القائد فرأيت ما اذهلني سالت دموعي هكذا بدون سابق انذار لم اصدق ما حدث فلم يكن يخطر ببالي ان المجرمون سيقدمون على عمل كهذا وقلت في نفسي الا يكفي انهم قد قتلوه في عام 2004 وغيبوه لمدة 12 عام كان أهالي القرية والمنطقة في ذهول وحالة تجمد وصمت لم استطع ان اكمل تفكيري حتى جاءت الطائرات مرة أخرى وقصفت المقام الطاهر مرة أخرى كنت أحاول ان اصلي صلاة الفجر ولكن الطيران والغارات المتواصلة منعتني من ذلك صليت الفجر ذلك اليوم ثلاث مرات فأنا كنت في حالة لن استطيع وصفها حزناً وخوفاً وحالة من الذهول وزحمة من التساؤلات …
لم تتوقف الغارات رغم ان المقام تدمر ولم يعد هناك أي مبرر او داعي للمزيد الا ان الحقد الصهيوني الأمريكي على هذا القائد ليس له حدود حيث استمر الطيران في التحليق والقصف غارة بعد غارة وشرقت الشمس والناس في ملاجئهم ومرت الساعات واستمرت الغارات حتى انني لم استطع احسب عدد الغارات التي شنت على الضريح لوحده حيث وصلت الى اكثر من 18غاره على ما اعتقد التي اصابته بشكل مباشر :-
اقترب وقت الظهر والجميع لم يذق طعم الاكل والشراب خوفاً من الغارات المتتالية والمستمرة والتي اتسع نطاقها فشملت قرية الجميمة بشكل كامل فبعد ان قصفوا المقام الطاهر قصفوا المدرسة وقصفوا دكاننا الذي نقتات منه وقصفوا طاحوننا ومنازلنا وعدد من الغارات المتفرقة في القرية حتى وصل عدد الغارات الى اكثر من أربعين غاره …
وجاء وقت الغداء ووقت صلاتي الظهر والعصر الا ان التحليق ما يزال مستمراً كان يوماً عصيباً لن استطيع وصفه مهما كتبت الا انني مازال أتذكر تلك الساعات حين كان الغبار والدخان يخيم على القرية وكانت الأحجار والشظايا تتساقط علينا كالحمم البركانية وكان الجوع يمزق احشائنا والخوف يمزق نياط قلوبنا والحزن يفعل بنا كما تفعل سكرات الموت …
لم تتوقف الغارات الا وقت العصر بشكل متقطع والتحليق ما يزال مستمراً اكلت حينها انا واخواني الصغار بعض من البسكويت الذي كنا قد اخذناه من الدكان المدمر وشربنا بعض العصير ليكون بمثابة صبوح وغداء لكي نستطيع ان نتحمل هول الفاجعة ولكي نغذي عيوننا ببعض من الماء الذي نفد لكي تواصل البكاء فقد كانت امي تبكي وابي يبكي واخواني الصغار ليس خوفاً وانما حزناً واستنكاراً وتعبيراً عن ما بداخلنا من الم على ما قامت به طائرات العدوان بضريح حبيب قلوبنا وقائدنا على الرغم مما فعلوه به في السابق ….
كان يوماً طويلاً ومخيفاً وغريباً فأذاننا لا تسمع الا ازيز الطائرات وعيوننا لا ترى الا الغبار والدخان الأسود وبطوننا فارغه وعيوننا دامعه وقلوبنا تخفق بسرعه وأعضاء اجسامنا تعيش حالة من القشعريرة المستمرة لن أستطيع ان اشرح اكثر …
جاء وقت المغرب واذاعت القنوات والاذاعات الخبر رجعنا الى ملاجئنا صامتين لم نستطع ان نتكلم ولم نذق طعم النوم فقط نفكر فيما جرى لماذا كل هذا الحقد ؟؟؟…
ومرت الأيام واستمر العدوان واستمرت قرية الجميمة تستقبل العديد من الغارات الى يومنا هذا ورغم هذا كله ورغم ما فعلوه بالشهيد القائد الا انه ما يزال في قلوبنا ينبض بالحرية والثورة ويجري في عروقنا ليمنحنا حياة العزة والاباء
الا لعنة الله على الظالمين.