الأخبار المحلية تقارير ودراسات

التحالف يتآكل… ونذر حرب إماراتية سعودية في عدن

الجديد برس / تقارير /حلمي الكمالي:

تواصل قوى التحالف السعودي الإماراتي تخبطها على الساحة اليمنية، في ظل نفاد الخيارات وفشل جميع الرهانات، إذ تصر على الهرولة من مرحلة سيئة إلى مرحلة أسوأ منها في محاولة للهروب من حقيقة الهزيمة التي تعيشها للعام الثامن على التوالي. وهذا ما يعكسه الواقع المتشظي والمضطرب للتحالف وفصائله، مع تفاقم الصراعات من أجنحة الفصائل إلى داخل أروقة قطبي التحالف السعودي الإماراتي، التي تأكل بعضها البعض لتراكم الخيبات والهزائم.

فجأة ودون سابق إنذار دفعت السعودية برئيس مجلسها الرئاسي رشاد العليمي إلى مدينة عدن، بعد احتجاز قسري لأشهر طويلة في العاصمة الرياض، لإعلان تأسيس قوات جديدة تحت مسمى “درع الوطن” في معقل الإنتقالي بمدينة عدن، الذراع الأول للإمارات في اليمن. وهي قوات ستضم أجزاء واسعة من فصائل التحالف ومهتمها فقط أن تخضع لإشراف سعودي مباشر أي لتحقيق المصالح السعودية أولاً ولا شيء غير ذلك.

والدليل على ذلك، ما تسبب به إعلان تأسيس هذه القوات من امتعاض إماراتي واضح دفع بالصراع المتفاقم خلف الكواليس بين قطبي التحالف، إلى سطح المشهد من جديد، بعد اعتبار الإمارات، الخطوة السعودية محاولة للإطاحة بفصائلها المباشرة من المشهد على حساب تمكين فصائل سعودية جديدة. الأمر الذي يعكس مخاوف الأخيرة من انتقال الثروات والعائدات الخاضعة لها بشكل مباشر إلى قائدة التحالف التي تسعى لإعادة تصدير حضورها في الملعب الإماراتي جنوباً بعد أن فقدت فصائلها كل المناطق شمالي البلاد.

ولعل هذا ما يعكس، قيام الإمارات على الفور بإرسال عبدالرب النقيب، قائد إنقلاب الإنتقالي على حكومة هادي والإصلاح في مدينة عدن، والتي كانت محسوبة على السعودية وذلك في العام 2019. وإعادة النقيب الذي يعد من أبرز القيادات الموالية لأبوظبي والمعروف بخلافاته مع الرياض، إلى واجهة المشهد في عدن، هو محاولة إماراتية واضحة للتصدي للتحركات السعودية لإسقاط معقل الإنتقالي، وهو ما قد يفجر حرب أهلية في المدينة، التي تشهد انقسامات حادة وتحشيدات عسكرية غير مسبوقة بين فرقاء التحالف، في وقت تتصاعد التهديدات المتبادلة أكثر من أي وقت مضى.

التوتر القائم بين قوى التحالف السعودي الإماراتي في مدينة عدن، هو إمتداد لصراعات واسعة ومستعرة بين قطبي التحالف في عموم مناطق سيطرتها، بدءاً من مدينة مأرب التي تتأهب الفصائل الإماراتية لإسقاطها وإزاحة قوات الإصلاح بالتالي إزاحة يد السعودية من سطوتها على حقول النفط والغاز في المحافظة، إلى الإقتتال الدائر في حضرموت بين فصائل الإنتقالي والهبة الحضرمية الموالية للإمارات من جهة وقوات المنطقة العسكرية الأولى الموالية للإصلاح والمحسوبة على السعودية من جهة أخرى، ومثله مسلسل الصراع الإماراتي السعودي في شبوة وأبين والمهرة.

وبعيداً عن الهدف السعودي الذي يقف خلف تشكيل قوات “درع الوطن” والذي يتلخص في محاولاتها لإيجاد قوات تتحدث “باسمها” على سطح المشهد كنوع من التسويق لموقفها الضعيف والهش في المفاوضات القائمة مع صنعاء، فإن مساعي تشكيل هذه القوات لا تتعدى كونها مسرحية هزلية لكون قواعد هذه القوات هي ذاتها الفصائل المتناحرة على إمتداد المحافظات الجنوبية، والتي لا تجمعها أية إيدلوجيا أو رؤية موحدة أو حتى مصالح مشتركة، وستذهب كسابقاتها في أرشيف التحالف ودفاع معين من القوات المشتركة إلى الهبات والنخب ومحور سبأ .. الخ، والتي تبخرت فور تشكيلها ولم تحقق شيئاً أكثر من تغيير المسميات و”الملابس” لنفس الطواقم والوجوه المحروقة.

على أية حال، فإن الصراعات القائمة بين قوى التحالف السعودي الإماراتي في المحافظات الجنوبية، تثبت أن المجلس الرئاسي وحكومة معين وفصائلهما مجرد هوامش على المشهد اليمني، وليس لها أي قرار على أية متغيرات أو مستجدات طارئة، ناهيك عن كونها أدوات لتحالف الحرب على اليمن وأخيراً لصراع قطبي التحالف السعودي الإماراتي الذي لم يكتفِ بإستخدامها للقتال دونه في كل الميادين وعلى رأسها المناطق الحدودية أمام زحوفات قوات صنعاء، بل ذهب ليضرب أدواته ببعضها البعض ضمن صراعات السيطرة والإستحواذ خاصة بالإماراتي والسعودي ولا علاقة لليمن واليمنيين بها.

لذلك، فإن كل ما يدور في فلك التحالف وملعبه لن يغيّر شيئاً في المعادلة العسكرية أو السياسية القائمة في اليمن، والتي سبق وأن فرضتها قوات صنعاء التي تتحكم اليوم بجمل تفاصيل المواجهة، بإعتراف قوى التحالف التي تخطب ودها في المفاوضات بمعزل عن المجلس الرئاسي ومن معه من فصائل وأدوات وكتل شائخة عفى عنها الزمن وتشظت أمام ما تفرضه صنعاء من مستجدات ومعادلات ردع على كافة الأصعدة.