المقالات

حكومة بلا وجه

بقلم\ نزار أنور

نتحاشى كثيراً الكتابة في ظل ظروف هي الأسوأ والأسود على الإطلاق تمر بها البلاد منذ عقود طويلة مضت، فكلما هممنا بالكتابة نتوقف ونمني النفس أن ترى البلاد انفراجة قريبة تزيح شيئاً من هذه الغمة التي غطت وطغت على كل شيء في بلد يصنفه العالم أنه الأفشل والأكثر فساداً وفقراً في العالم… نمتنع عن إراقة الحبر حتى لا يمتزج بالدم الذي يراق في طول البلد وعرضها… نحدث أنفسنا فنقول لها لم يعد هناك ما يمكننا أن نحافظ عليه في هذا البلد غير بصيص أمل فيما تبقى لنا من معالم الدولة غير هذه الحكومة التي نسعى جاهدين أن نحفظ لها ماء وجهها وتأبى وتصر هي على إهراقه وإهراق كرامة الإنسان التي من المفترض أنها جاءت لتحفظ له كرامته وعيشه الحر والكريم…
مخجل جداً ما تصنعوه بنا والأكثر خجلاً منه صمتنا… أي عنوان آخر تبحثون عنه للفشل لم تضعوه واجهة لكم مكتوب في نواصيكم… تهربون من زيارة شوارع المدينة والنظر في أعين أهلها وساكنيها… تستعيضون عن ذلك بزيارة منشآت لا حياة فيها ولا روح… ماذا تريدون أن تخبروا العالم بأننا بخير وأننا نتعافى بصور زياراتكم تلك؟… لا تكترثون ولو لمرة واحدة للداخل… ما أتعسكم وأتعس رسائلكم وأغباها… تهتمون فقط كيف ينظر لكم العالم… لم تفكروا يوماً كيف ينظر لكم شعبكم… لم تتحملوا حتى مشقة العناء والتفكير في ذلك… أجزم أنكم لم تمنحوا لعقولكم الفرصة حتى في تخيل ذلك الأمر… دعوني أخبركم أيها السادة الساسة عن بشاعة المنظر: أنتم في نظر الناس أصغر بكثير من رغيف الخبز الذي لم يعد يسد رمق جوعهم… أنتم في نظرهم أشد سواداً من الليل الذي بات يؤرق مضاجعهم…. أنتم أضعف وأهون بكثير من الماء الذي لم يعد يصل إلى منازلهم…. أنتم أكثر حقارة من التاجر الذي يتلاعب في أقواتهم… أنتم أشد خطراً وبؤساً عليهم من المجرم الذي يهدد أمنهم… أنتم أيها السادة لم يعد لكم وجه أو قبول أو حضور… أصبحتم (حكومة بلا وجه) رحم الله شاعرنا الكبير البردوني حينما قال في قصيدته مدينة بلا وجه:
“فهل تبحثين اليوم عن وجهك الذي فقدتيه
أو عن وجهك الآخر العصري”
إلا أنكم فقدتكم وجوهكم ولا وجه آخر لكم عصرياً تسترون به سوءاتكم.