المقالات

هل هناك “إعاشة داخلية” وراء تدني معاشات المتقاعدين في عدن؟

الجديد برس- بقلم- جبران شمسان|
أصبح من الضروري اليوم إعادة النظر بشكل عاجل في حجم المعاشات التي تُصرف للمتقاعدين والمتقاعدات في عدن، تلك المبالغ التي لا تكفي حتى لتغطية أبسط احتياجاتهم المعيشية. فالمسؤولون القائمون على شؤون المتقاعدين اليوم سيكونون غداً متقاعدين مثلهم، ومن المنطقي – بل من مصلحتهم المباشرة – أن يعملوا على رفع المعاشات وضمان مستقبل كريم لهم، ما لم يكونوا واثقين أن معاشاتهم التقاعدية ستنتمي إلى طبقة جديدة “خاصة” بهم، وبمبالغ مضاعفة أضعافًا كثيرة مقارنة بالمعاشات البائسة التي تُصرف حاليًا في عدن.
هؤلاء المتقاعدون ليسوا غرباء عن الدولة، بل خدموها طيلة حياتهم المهنية. ومع ذلك، فإن الدولة تنكرت لهم اليوم، ودفعتهم إلى العيش بمعاشات لا تليق بسنوات خدمتهم ولا تفي باحتياجاتهم. لا يملكون أراضي ولا مصادر دخل بديلة في المدينة أو في الريف، ولا حتى أعمال تجارية جانبية، بل يعيشون على فتات “المعاش التقاعدي” الذي صار أقرب إلى إهانة من كونه ضمانًا اجتماعيًا.
ما يزيد مرارة الواقع أن المتقاعدين في عدن يعيشون في بيئة نكران الجميل، فلا تكريم لجهودهم ولا تقدير لتضحياتهم، والدليل الأبرز على ذلك هو مستوى المعاشات التي لا تسد رمقًا ولا تحفظ كرامة. ومع انطلاق حملة الإصلاحات التي يُتحدث عنها اليوم، قد يجد المتضررون والمكونات العدنية سبيلهم إلى القضاء، للمطالبة بإنصاف منسيين خدموا الدولة ثم تُركوا وحيدين.
ويبقى السؤال الصادم مطروحًا على السطح: هل تتحول المبالغ التي كانت تُخصم من مرتبات المتقاعدين أثناء سنوات الخدمة إلى صندوق معاشاتهم فعلًا، أم أن نصيب الأسد منها يذهب إلى ما يمكن تسميته “إعاشة داخلية”، لا تختلف كثيرًا عن ظاهرة الإعاشة في الخارج، سوى أنها محلية هذه المرة؟
إنها أسئلة مؤلمة، لكنها تكشف جوهر الأزمة: معاشات المتقاعدين في عدن ليست مجرد قضية مالية، بل قضية كرامة وعدالة اجتماعية، وإعادة النظر فيها واجب لا يحتمل التأجيل.