الأخبار المحلية تقارير ودراسات

لماذا سكتت السعودية على تطورات الأحداث في اليمن قبل 21 سبتمبر 2014 وتدخلت عسكرياً فيما بعد..؟ “تقرير”

الجديد برس / تقارير:

 

يتبادر إلى الذهن عدة أسئلة لدى البعض من المواطنين خاصة من لم يطلعوا كثيراً على واقع الوضع السياسي الذي كان قائماً في اليمن قبل تاريخ 21 سبتمبر 2014، وأبرز هذه الأسئلة هي “بما أن أحداث سبتمبر 2014 شهدتها قبل ذلك سلسلة أحداث كان الفاعل الرئيسي فيها حركة أنصار الله بدءاً من التحرك من صعدة وصولاً إلى عمران وحاشد وحتى فترة الاعتصام السلمي بمحيط العاصمة صنعاء وصولاً إلى 21 سبتمبر فلماذا إذاً لم تتحرك السعودية منذ ذلك الحين وتحاول التدخل في الشأن اليمني عسكرياً لوقف تقدم أنصار الله وحلفائهم من أبناء القبائل، ولماذا لم يأتي هذا التحرك السعودي إلا من بعد 21 سبتمبر 2014؟”.

وببساطة فإن الإجابة على هذا السؤال تكمن في فهم السياسة والعقلية السعودية التي ظلت تتعامل بها مع من يحكم في اليمن منذ انتهاء الحرب بين الجمهوريين والملكيين في ستينات القرن الماضي وحتى سبتمبر 2014.

وتؤكد هذه السياسة والعقلية أن الرياض لديها قناعة أنها يمكنها احتواء أي طرف يمني وأن تقدم أنصار الله إلى صنعاء سيقود إلى الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين آنذاك وأن أنصار الله عندما يصلوا إلى الحكم في صنعاء سيحجون كغيرهم من السياسيين والقادة اليمنيين الذين تقلدوا مناصب السلطة سابقاً إلى قصور أمراء الرياض، لكن السعودية تفاجأت بأن لدى جماعة أنصار الله سياسة مغايرة وأن شعاراتها التي ظلت ترفعها طوال فترة تحركها من صعدة وحتى وصولها صنعاء كانت شعارات حقيقية ولم تكن مجرد استهلاك إعلامي ومحفزات للشارع اليمني لحشده إلى جانب الحركة في تحركها.

تبين ذلك من خلال الوفد الأميري الذي وصل إلى محافظة صعدة قبيل شن الرياض أول غارات جوية على صنعاء فجر يوم الـ26 من مارس 2015 بأسابيع قليلة، حينها عرض الوفد الأميري رسالة يعتقد أن محمد بن نايف ولي العهد السابق هو من حملها بنفسه لزعيم أنصار الله عبدالملك الحوثي، عرضت فيها السعودية التحالف مع أنصار الله والتخلي عن بقية المكونات الأخرى وكانت الرياض تعتقد أن أنصار الله سيوالون الرياض ويقبلون بأن يكونوا بديلاً عن الأدوات الأخرى، لكنها تفاجأت أن أنصار الله جاءوا برؤية وطنية حقيقية بالفعل وبمشروع يقف عنوان رفع الوصاية عن اليمن أياً كانت على رأس قائمة أهداف هذا التحرك وهذا المشروع.

حينها فقط انقلب الموقف السعودي الذي كان صامتاً طوال فترة الأحداث التي سبقت 21 سبتمبر 2014 وبدأت بالتنديد وشن الحملات الإعلامية ضد أنصار الله وشرعت بالترتيب لشن حرب على اليمن بذريعة استعادة الشرعية، فكانت أول خطوة هي تمويل عملية تهريب الرئيس المنتهية ولايته والذي كان قد استقال حينها، عبدربه منصور هادي من منزله في صنعاء ونقله إلى عدن حيث اضطر حينها هادي للخروج من منزله متنكراً بعباءة نسائية مستغلاً عدم فرض اللجان الشعبية التي كانت تابعة لأنصار الله حينها في صنعاء رقابة مشددة على منزل هادي وعلى كل من يدخل أو يخرج من المنزل، وبعد ذلك شرعت الرياض بالقصف والهجوم على المنشآت والمؤسسات العسكرية اليمنية، كل ذلك حدث بعد أن تأكدت أن أنصار الله لن يتراجعوا عن موقفهم الرافض لأن يكونوا أدواتاً جديدة للإبقاء على الوصاية الأجنبية على اليمن بما فيها الوصاية السعودية.

أما عن أسباب صمت السعودية على تقدم أنصار الله نحو صنعاء قبيل 21 سبتمبر وتعاملها مع الوضع وكأنها لا تتدخل في الشأن الداخلي لليمن، فكان هدفه هو القضاء على حزب الإصلاح حيث كانت الرياض ترى في الإصلاح رغم كونه حليفها وأداتها الرئيسة في اليمن خلال العقود الماضية، إلا أنها كانت ترى في الحزب بأنه انقلب على الرغبات السعودية وأن صعود الإخوان في مصر وتونس وليبيا جعل من الإخوان في اليمن يشعرون بأن شوكتهم قد قويت وأنهم لم يعودوا بحاجة الدعم السعودي لهم وهو ما أزعج الرياض وجعلها تفكر في التخلص منهم لكن تخطيطها جاء على عكس ما كانت ترجوه من نتائج فالإصلاح لم يقاتل أنصار الله إلا في محطات معينة وبسيطة وبقرارات فردية وليست بقرارات تنظيمية وتوجيهات عليا من قيادة الحزب فالأخير كان يدرك أن أي مواجهة مع أنصار الله ستنتهي بالفشل وأن الإصلاح يجب أن يحتفظ بما لديه من مقاتلين ويكتفي بمواجهة أنصار الله بأساليب ووسائل أخرى منها الاعتماد على الخارج وفتح الباب أمام أي تدخل عسكري خارجي يأتي لإنقاذ الإصلاح من السقوط ويعيده إلى سدة الحكم في صنعاء تحت عنوان الشرعية والبند السابع.

*المساء برس