المقالات

سيد اليمن: صنعاء وفلسطين ايقونة المشروع التحرري

سيد اليمن: صنعاء وفلسطين ايقونة المشروع التحرري

الجديد برس : رأي

عيسى محمد المساوى

” قادمون في العام السادس متوكلين على الله بمفاجآت لم تكن في حسبان تحالف العدوان وبقدرات عسكرية متطورة وانتصارات عظيمة”.

إنها الكلمات الختامية التي ينتظر ملايين اليمنيين بكل شغف سماعها من السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي في اطلالته بمناسبة الذكرى السنوية لصمود الشعب اليمني العظيم، مستبشرين بما يحمله لهم من بشارات النصر وواثقين بما يعلنه من وعود ومفاجآت تنتظر تحالف العدوان، فتجاربهم السابقة عززت مخزون الثقة بهذا القائد الأمين الذي صدقهم القول والفعل في مختلف الظروف والتحولات.

مبادرات وتحولات كبرى حملها خطاب السيد الحوثي بمناسبة الذكرى الخامسة للصمود في وجه تحالف العدوان السعودي الأمريكي وإشارات فيها الكثير من الثقة وكأنه خطاب النصر على تحالف العدوان في عامه السادس والأخير.

ركز السيد الحوثي في حديثه عن التحول الجذري الذي قلب معادلة الصراع رأساً على عقب ونقل صنعاء الى موقع الهجوم الواسع والموجع سواءً على مسرع العمليات البرية أو في عمق العدو السعودي والإماراتي اللذين تحولا مع أدواتهما من موقع التفوق النوعي والكمي الى وضعية الدفاع الهش واستراتيجية الانسحاب التكتيكي، والاختباء خلف أي مبادرات سياسية تحمي العمق السعودي والاماراتي من هجمات صنعاء البالستية.

لقد كان التحول الأكثر عمقاً ودلالة أن صنعاء حققت توازن الردع في مواجهة تحالف العدوان، بل وأصبحت قوة عسكرية وازنة على مستوى المنطقة، وهنا يتوقف سيد اليمن في حديث الذكرى السنوية ليجلي حقيقة هذا التحول الأهم على الاطلاق موضحاً فارقاً جوهرياً يُبرز التفوق النوعي لصنعاء التي أصبحت تُصنّع السلاح من الكلاشنكوف الى الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية بمدياتها البعيدة التي تجاوزت جغرافيا تحالف العدوان وباتت تهدد عمق الكيان الإسرائيلي، كل هذه التحولات تتحقق في ظل ظروف العدوان والحصار الأمر الذي يجعل لهذا الثقل العسكري الذي تمثله صنعاء في الوقت الراهن أبعاداً ودلالات مستقبلية تتعاظم معها مكانة اليمن ودورها كقوة إقليمية وازنة.

هنا يكمن مبعث فخر واعتزاز سيد اليمن الذي رسم مسار هذه التحولات الاستراتيجية فكان ظهوره هذه المرة ينطوي على الكثير من الرسوخ والثقة بأن القادم سيقصم ظهور قادة تحالف العدوان بمفاجآت أحاطها بالكثير من الغموض على غير العادة، إمعاناً في الحرب النفسية المختلفة هذه المرة في احترافيتها وغموضها  لتكون أقدر على إغراق التحالف بصنوف من القلق والخوف والترقب في ظل غياب أي ملامح قد تساعد التحالف على الجهوزية للمعركة القادمة.

باستثناء هذا الغموض كان سيد اليمن أكثر شفافية وهو يكشف للداخل والخارج ملامح الاستراتيجية التي أنتجت هذا الصمود الأسطوري وصنعت تلك التحولات والانتصارات، إنها الثقة بالله وصدق التوكل عليه مع العمل والتضحية في سبيل القضية العادلة، “فالانتصارت والإنجازات التي تحققت والقدرات التي وصلنا إليها هي نتاج معونة الله وتأييده”.

مبادئ ومصطلحات لا تتضمنها نظريات التخطيط الاستراتيجي ولا وجود لها في قواميس السياسية وقد ينظر اليها البعض بشيء من السخرية، غير أن المثير للدهشة أنها حققت انتصارات وتحولات كبرى لم يعد بمقدور أحد تجاهلها في حين عجزت استراتيجيات تحالف العدوان بخبرائها العسكريين عن الخروج بماء الوجه من مستنقع اليمن.

بموازاة هذا التحول الكبير لمكانة اليمن كقوة إقليمية وازنة والتزاماً بمسؤوليتها تجاه محيطها كانت فلسطين حاضرة في صلب اهتمامات السيد الحوثي معلناً عن مبادرته بالإفراج عن طيار وأربعة من ضباط وجنود سعوديين مقابل

اطلاق أسرى حماس لدى النظام السعودي، هذه المبادرة المجسدة لمركزية القضية الفلسطينة في فكر وتوجهات سيد اليمن عكست صدق التوجه لقائد عظيم ليس لليمنيين فحسب بل لكل حركات المقاومة والقوى المناهضة لمشاريع الهيمنة الأمريكية وأدواتها في المنطقة.

على الجهة المقابلة تظهر الملامح الحقيقية للنظام السعودي كشرطي يعمل لصالح العدو الإسرائيلي ضارباً عرض الحائط بانتمائه العربي وهويته الإسلامية، وفي تقديري أن النظام السعودي لن يجرؤ على اطلاق سراح قيادات حماس دون موافقة اسرائيل، أما جنوده وضباطه الأسرى لدى صنعاء فليذهبوا الى الجحيم لأنهم لا يمثلون لديه أي قيمة ولو كان الأمر غير ما ذكرت لما بقي أسير سعودي واحد في صنعاء.

لم تكن مبادرة اطلاق أسرى حماس هي كل ما يدخره سيد اليمن لفلسطين التي بات لها نصيب من الترسانة العسكرية النوعية لصنعاء، فصاروخ قُدس البالستي المجنح ليس إلا ملمحاً من ملامح حضور هذه القضية المركزية في توجهات وخطوات العمل الاستراتيجي التي يرسمها سيد اليمن استعداداً لمرحلة قادمة ستغير واقع المنطقة.

فعلى امتداد المسافة بين اسرائيل العبرية واسرائيل العربية هناك معركة مصيرية بعيدة المدى خاض سيد اليمن جولتها الأولى منذ حروب صعدة الست، وها هي الجولة الثانية تدخل عامها السادس والأخير في مواجهة العدوان السعودي الأمريكي لتنتهي حتماً بانتصار عظيم كما انتهت حروب صعدة، وما هي إلا استراحة محارب لتبدأ معركة التحرير الكبرى من الجزيرة العربية إلى القدس لتحرير فلسطين كل فلسطين رغماً عن أنف  المجتمع الدولي المنافق واستراتيجيات كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي سيدرك حينها أن ترسانته العسكرية ومن ورائها قوة أمريكا لن تُجدي نفعاً.

* كاتب ومحلل سياسي يمني

نقلا عن رأي اليوم