المقالات

مأرب تكشف حقيقة الجنرال جريفيث..

مأرب تكشف حقيقة الجنرال جريفيث..

الجديد برس : رأي

عيسى المساوى

تعتبر الأمم المتحدة من أهم أدوات التدخل التابعة لتحالف الاستكبار العالمي بقيادة أمريكا الممول الأكبر لميزانية الأمم المتحدة، فإذا عملنا أن أمريكا تتربع على كرسي القيادة للحرب العدوانية على اليمن وأن السعودية أصبحت من كبار ممولي برامج الاغاثة الأممية في اليمن تأكد لنا بما لا يدع مجالاً للشك أن الأمم المتحدة جزءٌ أصيل من تحالف العدوان على اليمن كما كانت جزءاً أصيلاً من الغزو الأمريكي للعراق سنة 2003م.
إذا لزمنا جانب الدقة سنجد أن الأمم المتحدة كانت السبّاقة في العدوان على الشعب اليمني منذ ادخال اليمن تحت الفصل السابع، ثم إصدار القرار ( 2216 ) الذي أعطى لتحالف العدوان المبرر لإطباق الحصار الخانق على اليمن وممارسة أعمال القرصنة والاحتجاز التعسفي لبواخر الغذاء والمشتقات النفطية بالمخالفة لنصوص القرار ( 2216 ) الذي حقق هدفه المتمثل في تمكين تحالف العدوان من مفاقمة المعانات الإنسانية ومساومة الشعب اليمن في لقمة عيشه.
من هذه البيئة المرتهنة بالكامل لإرادة قوى الهيمنة جاء المبعوث الأممي مارتن جريفيث ليجمّل قبح قادة العدوان على اليمن، فهولاء الملطّخة أيديهم بدماء أطفال ونساء اليمن حولهم جريفيث من مجرمي حرب الى دعاة سلام، ومن قراصنة اطبقوا حصاراً خانقاً على اليمن إلى مبادرين لانقاذ الشعب اليمن من أسوء كارثة إنسانية وكأنهم لم يكونوا سببها.
من ولد الشيخ إلى جريفيث لا شيء على أرض الواقع يستحق الذكر باستثناء تغيير بالغ الأهمية تمثل باستبدال مبعوث موريتاني أخرق يثير الكثير من الجلبة بآخر من أصول انجليزية له روح الثعلب وجسد الحرباء يؤدي دور المسدس كاتم الصوت، فما الذي حققه جريفيث؟
تخدير المجتمع الدولي باتفاق استكهولم بهدف امتصاص الضغط الدولي على تحالف العدوان، وللحقيقة فقد أثبت جريفيث أنه مدير تسويق من الطراز الأول للبضائع الرديئة، فعلى مدى أكثر من سنة نجح في اقناع الأسرة الدولية بأن اتفاق استكهولم نقلة كبيرة في مسار الحل السياسي للصراع الدائر في اليمن ولولاه لكانت اليمن في خبر كان، أما على أرض الواقع فالصورة في إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن يوم 12 مارس الجاري مختلفة تماماً.
ملخص ما قاله جريفيث أن محافظة الحديدة ما تزال تشهد اشتباكات وتزايد في عدد الضحايا المدنيين، وأنه يجب على الأطراف العمل بجد لتبادل الأسرى، وفتح وتأمين طرق في تعز والحديدة، وضمان دفع الرواتب وفتح مطار صنعاء!! هنا يقفز تساؤل ملح يشغل بال الجميع، اذا كانت كل متعلقات اتفاق استكهولم الإنساني ما تزال معلقة منذ أكثر من سنة فما الذي تحقق يا جريفيث؟ وكم ستحتاج من الوقت لإبرام اتفاق سياسي شامل؟
الإجابة الصادمة لا شيء على أرض الواقع، حتى صمود اتفاق الحديدة الهش لا يعود الفضل فيه لجهود جريفيث وإنما لعجز التحالف عن خلق الفرصة المناسبة لفتح هذه الجبهة، أما الوقت الذي سيحتاجه لجمع الأطراف على تسوية سياسية شاملة فيتعذر تقديره بالسنوات.
المثير للدهشة أن إحاطة جريفيث الأخيرة مثلت خط الدفاع الأول عن مأرب التي سمع فيها “مطالبات قوية بالسلام، ولكن ليس سلامًا يتم إملاؤه من موقع الهيمنة العسكرية … لا يوجد هناك مبرر للتصعيد العسكري في مأرب، ويجب ألّا تتحول لبؤرة الصراع القادمة في النزاع المأساوي الدائر في اليمن”، هكذا يكشف جريفيث عن هويته الحقيقية وطبيعة دوره الإسنادي لتحالف العدوان لينطبق عليه وصف الجنرال مارتن جريفيث قائد لواء التدخل السريع لانقاذ تحالف العدوان وأدواته وتمكينهم عبر بوابة التسوية من تحقيق المكاسب التي عجزوا عن تحقيقها عسكرياً.
الجنرال جريفيث لم يتمكن من رؤية مأساة مدينة الدريهمي المحاصرة لأكثر من سنة، ولولا رصيد ميزانيته الجديدة البالغة 18 مليون دولار لما استطاع أن يرتفع كثيراً ليكتشف الكارثة الإنسانية التي تلوح على أبواب مدينة مأرب التي تحولت عقب زيارته من بؤرة لجحافل قوات المرتزقة إلى أكبر تجمع للنازحين المدنيين بفعل تجدد المعارك في نهم والجوف.
الفائدة الوحيدة من دور الأمم المتحدة وأدواتها المكشوفة أنها باتت تؤدي وظيفة الأجهزة الحساسة لقياس مستوى الاختراق للجبهة الداخلية، فكل منْ يتحمس لجهود جريفيث أو المنظمات العاملة في اليمن متجاهلاً دورهم التخريبي أصبح يُعطي مؤشراً على المدى الذي وصل اليه تحالف العدوان في اختراق الجبهة الداخلية.

 

نقلا عن صحيفة المراسل