المقالات

سماســرة «الجزيــرة»

سماســرة «الجزيــرة»

الجديد برس : رأي

محمد الصفي

معجبون بأداء الجزيرة جداً وقدرتها على المناورة الإعلامية؛ ولساعات يتابعون تغطياتها التي تهاجم بذكاء شعرة معاوية عدوها “الطارئ” وعدونا “الأزلي”.

خلال الأعوام القليلة الماضية، كان ذات المتابع اليمني يكره الجزيرة حين كانت تقيم مع عدوها الطارئ، حلفاً استراتيجياً لتشويه حركة أنصار الله وتعبئة المجتمع اليمني والعربي ضدها، وصولاً إلى المرحلة التي بررت فيها إراقة الدماء اليمنية في سوق الجزار الأمريكي والإسرائيلي بسلاحهما المباشر وعبر منشار الدولة السعودية الجديدة بقيادة الفاتح للبارات الحلال.

كانت الجزيرة تحتفل كل يوم بالمجازر البشرية المسماة في تغطياتها ضد “مليشيا-انقلابية-متمردة-إرهابية” وتستعين بكل مصطلح يبرر الإجرام الوحشي، ويعتبر ركام آلاف المنازل، انتصاراً عسكرياً للتحالف العربي بقيادة مملكة (الفاتح).

ثم ما الذي حدث ليصبح “التحالف” على قوائم الجزيرة السوداء يقتل المدنيين في اليمن ويدمر الاقتصاد وينهك كاهل انسانها؟ كما تقول الجزيرة مؤخراً.

حُوصرت قطر من “التحالف العربي” وطُردت منه، وبالتالي حوصرت سياسة الجزيرة الإعلامية في زاوية منعزلة عن محيطها، وكانت الحيلة الوحيدة لتجاوز العزلة عن طريق المثل الشعبي “عدو عدوي صديقي” وعن طريق الاتكاء على عصاة أنصار الله؛ فكانت اليمن بقيادة المسيرة القرآنية (العدو لعقود) ملاذاً لمعركة التحول بسياسة الجزيرة الإعلامية، ضد أعدائها الطارئين، وذلك لتعويض هزيمة قطر السياسية التي تلقتها من الجوار وتحاول تجاوزها بالاحتفاء الكبير والواسع والشامل بالانتصارات العسكرية اليمنية -كنوع من المناكفة الإعلامية والسياسية- مع الاحتفاظ بشعرة معاوية، لعل الزمن قد يجبر جزيرة قطر على خوض مرحلة تحول أخرى تعود معها إلى ذاكرة بعض المصطلحات القديمة التي تنازلت عنها مجبرة “مليشيا انقلابية”.

الغرض من هذه التوطئة الطويلة، هو المشاهد اليمني الذي أوقعته معركة التحالفات هذه، بفخ الإعجاب الكبير بالجزيرة المتحولة دائماً، والتي لا شيء ثابت في سياستها غير مصلحة الجماعة وقطر!

ثمة قضية بالغة الخطورة هنا، ذلك أن المشاهد اليمني المناهض للعدوان عاد لثقته بالجزيرة التي لا أسوا منها في استغلال ثقة الشعوب لتعبئتها ومن ثم توجيهها، غير أننا بحاجة لقرع طبلة الأذن المثقوبة في دوائر صنع القرار بسؤالها: أين إعلامنا؟ وهل نحن عاجزون عن صناعة شبكة إعلامية تلبي حاجة المتابع اليمني والعربي، وتغنيه عن الاستعانة بإعلام قطر الذي لا تربطنا به غير الحاجة اللحظية لا الاستراتيجية.

للأسف دوائر صناعة الإعلام هنا، فشلت تماماً ببناء الوسائل الإعلامية ذات الخطاب المؤثرة على كافة شرائح المجتمع المحلي والشواهد كثيرة، فضلاً عن التأثير على مستوى وعربي وإقليمي وعالمي.

النموذج الناجح في إعلامنا اليمني، يتمثل بشبكة المسيرة وصحيفة لا، ذلك أنهما تعرفان أهدافهما تماماً وسبيل الوصول إلى تحقيقها بنجاح، وما سواها مع بعض الاستثناءات موغل بالفشل، وسبب هدر كبير وظالم للمال والطاقات.

– ما هي الأسباب إذاً؟
إن أول الأسباب الرئيسية للفشل، هي قصور الوعي بأهمية الإعلام ودوره، يلي ذلك تماماً، القصور في رسم السياسات الإعلامية الشاملة ذات الأدوار التكاملية وفقاً لطبيعة المرحلة التي تخوضها البلاد لذلك فإن الإعلام المحلي بمختلف أنواعه، المقروء، والمسموع، والمرئي، لا يعرف ما هدفه؟ من يخاطب؟ وبالتالي ما هو أسلوب الخطاب المؤثر، ومن يقدمه، والأمر كله يخضع لشروط غير هذه تماماً، وأسئلة من قبيل: من أنت؟ تبع من؟ هل ستكون تحت السيطرة؟ والسيطرة هنا بمفهومهم لا تعني الجمهور بشيء، وإنما السيطرة على الإدارات التي تقود الإعلام.

ومن هذا العبط والغباء والبلادة ستسمع عن قنوات إعلامية استحدثت مؤخراً بمليارات دون جدوى، وهي أقرب إلى الإعلام الترفيهي، في الوقت الذي نحن بأمس الحاجة لإعلام سياسي يتخطى خطابه حدود مديرية السبعين ومعين، إلى اليمن بأكمله، وينقل رسالة الأخيرة إلى العالم كله.

استمرار هذا العبط يؤدي بكل الأحوال لبيع مشاهد الانتصارات -حصرا- لجزيرة قطر، ويؤدي لما هو أبعد من ذلك فإذا كنت لا تعرف هدفك فمن الطبيعي أن تعمل بوعي او دون وعي بأهداف الآخرين، ويا لها من كارثة.

رسالة إلى قائد الثورة:
المعجزات العسكرية صارت للبيع والشراء سراً وعلانية في سوق موزة، وإعلامنا قدير وجدير لولا.. لعنت لولا.