الأخبار المحلية تقارير

رغـم «الانسحاب» لا يزال لدى الإمارات مطامع عسكرية في اليمن

رغـم «الانسحاب» لا يزال لدى الإمارات مطامع عسكرية في اليمن

الجديد برس

ترجمة / زينب صلاح الدين

جوناثان فنتون-هارفي
مجدداً، زعمت الإمارات أنها انسحبت من اليمن في 30 أكتوبر من خلال سحب قواتها من عدن قبل اتفاق السلام الموقع عليه في 5 نوفمبر لدمج حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، على الرغم من أن هذا الانسحاب يمثل خطوة براغماتية؛ حيث إن أبوظبي لا تزال تدعم المليشيات في مكان آخر من الجنوب كما أنها تسعى لكسب النفوذ في ذلك البلد.
قال قائد القوات المسلحة الإماراتي، في تصريح له يشير إلى انسحاب بلده الكامل: “تم تسليم السيطرة على عدن إلى السعودية والقوات اليمنية بمسؤولية وبتوافق مع الاستراتيجية العسكرية النظامية وكانت هذه العملية ناجحة تماماً”.
ويذهب بعيداً في قوله إن القوات الإماراتية “قد حررت مدينة عدن من الحوثيين والتنظيمات الإرهابية في 17 يوليو 2015”.
وعلى الرغم من أن أبوظبي ادعت أنها قضت على قوات “العدو” في عدن في بداية الحرب، إلَّا أن المليشيات التابعة للإمارات أبقت على تواجدها بعد السيطرة على المدينة. واستمر هذا حتى اتفاق التوحيد الأخير في أكتوبر 2019 الذي طالب بتخفيف وجودهم هناك. وكان القتال قد اندلع بين الانفصاليين وقوات الحكومة عقب انقلاب المجلس الانتقالي على عدن في أغسطس، والذي سرعان ما امتد إلى المناطق الجنوبية الأخرى.
سيتطلب اتفاق التوحيد، الذي يهدف إلى دمج المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة هادي بشكل هزيل في حكومة واحدة، أن تسحب الإمارات قواتها العسكرية والمليشيات الانفصالية لتسهيل نجاح الاتفاق.
في واقع الأمر كانت الإمارات قد دبرت انسحاباتها تلك في الماضي، إلا أنها لم تكن تؤيدها أو تدعمها. ومؤخراً، في 28 يونيو، أعلنت سحب قواتها من الجنوب. وفي حين أن المحللين وقفوا عند حقيقة أن يكون هذا معناه انسحاباً كاملاً لجهود الحرب الإماراتية في الجنوب، تابعت أبوظبي دعمها للمليشيات الجنوبية.
وفي الحقيقة، شنت الإمارات في أغسطس عدة غارات جوية على قوات الحكومة اليمنية، بعد أسابيع من انقلاب المجلس على عدن وعقب استعادة هادي السيطرة على المدينة.
علاوة على ذلك، لازالت حتى الآن تقوم بدعم القوات الانفصالية التي تعمل لصالحها على امتداد الجنوب للتعامل مع “التهديدات الإرهابية”، وفقاً لما صرح به قائد القوات المسلحة الإماراتية.
وبشكل ملحوظ، أعطى استغلال حجة مكافحة الإرهاب تلك لأبوظبي الفرصة لتوسيع وجودها في الجنوب عبر الحرب؛ بمليشياتها التي تحكم السيطرة على عدن تدريجياً. وكذلك استخدمت أبوظبي خطاب مكافحة الإرهاب في الوقت الذي شنت فيه غارات جوية في عدن ضد قوات الحكومة.
وهذا لا يظهر فحسب أن الإمارات لم توقف حتى اللحظة دعمها للقوات الجنوبية، بل وأنها تستخدم روايات مناهضة الإرهاب تلك لتبرير تواجدها.
حيث إن الإمارات لا تزال تحتل تسعة مواقع عسكرية رئيسية، وفقاً لصحيفة “العربي الجديد”. وهذه المواقع تتضمن المخا وباب المندب وعدن ميناء العاصمة المؤقتة ومطار عدن ومطار الريان في المكلا وجزيرة سقطرى وجزيرة ميون وميناء بلحاف في محافظة شبوة المصدرة للنفط في جنوب اليمن، بحسب ما يقوله مسؤولون ومراقبون.
كما يكشف تقرير “العربي الجديد” أن تواجد المليشيات الإماراتية قد أحدث ضرراً على الاقتصاد وعلى البنية التحتية للمناطق التي سيطرت عليها لأكثر من أربعة أعوام من الحرب.
وفي جزيرة سقطرى، زادت الإمارات مجدداً من تواجدها العسكري، بحسب المصادر المحلية. وفرضت المليشيات التابعة لها حصاراً في 30 أكتوبر على مقر حاكم سقطرى، رمزي محروس؛ مما أشعل شرارة التظاهرات ضد التواجد الإماراتي من قبل مئات المدنيين هناك.
ونشر “يمن برس” في 31 أكتوبر أن أبوظبي أفرغت حمولتها العسكرية في الجزيرة مباشرةً بعد أسابيع من منع هادي لها من القيام بذلك.
حاولت الإمارات طوال فترة الحرب أن تحتل سقطرى، ففي مايو 2018، عززت بشكل كبير تواجدها العسكري، الأمر الذي أثار إدانات المسؤولين اليمنيين والنخب المحلية، وفي الوقت ذاته حاولت تأمين تواجدها. وأظهرت تصرفاتها الأخيرة أنها لم تتوقف لثانية واحدة عن طموحاتها للسيطرة على الجزيرة، الأمر الذي سيساعدها في توسيع طرق تجارتها العالمية.
وكما هو الحال مع الادعاءات السابقة بالانسحاب، تقوم الإمارات بالانسحاب من أحد الموانئ الرئيسية من البلد بينما تفرض رغبتها في مكان آخر. وفي نهاية المطاف، تستخدم أبوظبي غطاء الانسحاب لتخفي محاولاتها في السيطرة على المواقع الجنوبية الأخرى.
وهذا يبين أن الإمارات لا تلتزم بشروط الاتفاق. وحيث إنها في الوقت الذي تتنافس فيه مع السعودية على النفوذ، لاتزال تسعى إلى توسيع نفوذها على الجنوب.
وهذا الدعم المستمر للمليشيات الانفصالية سوف يعطل اتفاق السلام الأخير لاسيما أن المجلس الانتقالي أوضح أنه سوف لن يقبل تواجد قوات هادي على المدى الطويل، وخاصةً أن السعودية تسعى بالتزامن مع ذلك، لتعزيز موقع هادي، بالإضافة إلى أن المكون الانفصالي يرى الاتفاق فرصةً لتأمين سيطرته على الجنوب.
وبما أن السعودية تسعى أيضاً للعمل مع المجلس، وكان مسؤولو المجلس يرغبون في التحدث مع السعوديين في الرياض، فإن هذا يدل على أن السعودية لن يكون لها أي تداعيات مع المجلس ومع الإمارات. وبالأحرى فإن المجلس ببساطة لديه نزاعات وخلافات مع هادي.
ووسط التكهنات بشأن وجود تصدع متزايد في التحالف السعودي الإماراتي، لم تتفاوض الدولتان الخليجيتان على انقساماتهما في اليمن فقط، بل وقد وقعتا على شراكة تعاون عسكري في بداية أكتوبر.
ويبدو أن الإمارات تنسحب انسحاباً مؤقتاً من عدن للحفاظ على تحالفها مع الرياض. وقد سلمت السيطرة للقوات السعودية، التي وصلت في 14 أكتوبر. كما قال المحللون إن الانسحاب في 28 يونيو كان يهدف إلى إظهار تأييد السلام، فأبوظبي تحاول من جديد الحفاظ على صورة دولية إيجابية لها، بعد أن زاد الوعي بشأن دعمها المتعدد للقوات الانفصالية.
كما أنه في الوقت الذي تفرض فيه الإمارات رغبتها بشكل مقنع في جنوب اليمن، فإنها ستستمر كذلك في إضعاف حكومة هادي. وهذا الأخير كان غايتها من خلال الحرب؛ خصوصاً بعد أن ألغى اتفاق تأجير الميناء الاستراتيجي عدن لموانئ دبي العالمية في 2012، والموقع عليه في ظل الرئيس السابق الذي طالته موجة “الربيع العربي” علي عبد الله صالح.
وأوضحت “مجموعة الأزمات الدولية” أن الاتفاق تمت صياغته، وفيه شروط مبهمة. ولم يظهر أي طرف التزامه الكامل بفقراته. ويوضح التقرير أنه بالتحديد في ظل الاشتباكات في أبين يظهر الاتفاق هشاً. وكنتيجة مع ادعائها دعم الاتفاق سيكون التواجد العسكري المستمر للإمارات عاملاً مهماً في إثارة انهيارها.
(*) “المونيتور” 8 نوفمبر 2019