المقالات

توطين الآلام كتجارة أممية

توطين الآلام كتجارة أممية

الجديد برس : رأي

محمد القاعدي

تظهر ازدواجية المجتمع الدولي ومنظماته من خلال تعاطيه مع ملف اللاجئين الأفارقة في اليمن، ومساعيه لتوطينهم من خلال بناء مخيمات لهم في إب؛ أهم وأجمل محافظات اليمن.
الأمم المتحدة ومفوضية شؤون اللاجئين، وفي الوقت الذي تتجاهل فيه اللاجئين اليمنيين في عدد من الدول، نجدها حريصة على توطين أكثر من 100 ألف لاجئ أفريقي في هذا البلد الذي يعاني أبناؤه من مجاعة حقيقية وأوبئة فتكت بالآلاف.
عدوان وحصار وأوبئة ومجاعة لم تشفع للاجئ اليمني لدى الأمم المتحدة التي تتجاهل منظماتها، مئات الطلبات تقدم بها يمنيون في بيروت والقاهرة والهند والسودان، في حين تولي اهتمامها –فقط- لما تجنيه من أموال باسم اليمن.
توطين اللاجئين الأفارقة في اليمن خطوة تشجع الآلاف من الأفارقة للهجرة الى اليمن، وسنشهد خلال أشهر ارتفاع عدد المهاجرين الأفارقة ليتجاوز المليون، وهذا غير مستبعد وسواحل اليمن تستقبل يومياً المئات منهم..
ما الذي تريده الأمم المتحدة من اليمن.. وهو البلد الذي يموت أبناؤه من الجوع والأمراض؟!
ما الذي تريده مفوضية اللاجئين من بلد غير مستقر، بفعل المخططات والمشاريع السعودية الإماراتية؟
لماذا لا تقف الأمم المتحدة مع اليمنيين، وتهتم باللاجئين والنازحين، عوضاً عن المتاجرة بآلامهم في الأروقة الدولية ومؤتمرات المانحين..؟!
حتى المنظمات الدولية العاملة في مجال الإغاثة في اليمن، فسادها مخيف، لا تحترم حاجة اليمني، تقدم له مساعدات فاسدة، وتصرف على تلك المساعدات أقل مما تصرف على موظفيها…
يتساءل البعض: من أين تتدفق هذه السيول البشرية الى اليمن؟ ومن يسهل وصولهم الى إب والبيضاء وتعز وصنعاء وبقية المحافظات..؟
تلك السيول تأتي من سواحل المحافظات الجنوبية المحتلة من قبل الإمارات وأدواتها، بل أصبحت سواحل شبوة وعدن تستقبل الآلاف منهم.
يتخوف الأهالي في مدينة عدن من انتشار أعداد كبيرة من الأفارقة في الشوارع والأحياء السكنية، وبعيداً عن المخيمات المخصصة لاستقبالهم وإيوائهم، دون أي تدخل للأجهزة الأمنية والتشكيلات العسكرية التابعة للمحتل الإماراتي.
ولكي لا ننسى، فإن قوات الحزام الأمني الإماراتي في مدينة عدن التي قامت بترحيل وتهجير أبناء المحافظات الشمالية، والتعدي على ممتلكاتهم ومنازلهم، تقف اليوم متفرجة على ظاهرة انتشار المهاجرين الأفارقة.
ويتساءل أبناء عدن كغيرهم من اليمنيين: من هي الجهة المستفيدة من تدفق هذه السيول البشرية التي تصل يومياً الى شبوة وعدن..؟
ولماذا لا تقوم النقاط الأمنية التابعة للحزام الأمني المنتشرة على مداخل عدن ومخارجها، بتوقيف المهاجرين الأفارقة.. كما تعمل على عرقلة وصول المواطن اليمني الى عدن وتمنعه من الوصول الى مطارها للسفر؟!
وللإجابة على هكذا تساؤلات هناك الكثير من الشواهد تؤكد أن الإمارات التي أغرقت عدن في الفوضى الأمنية، هي نفسها التي فتحت السواحل اليمنية للهجرة غير الشرعية، وأغرقت اليمن بالآلاف من المهاجرين.
وبالعودة الى المنظمات الدولية وكيفية تعاملها مع ظاهرة الهجرة غير الشرعية للأفارقة الى اليمن، يبقى دور تلك المنظمات مقتصراً على استثمار هذه الظاهرة والمتاجرة بها، مستغلة انعدام الوعي لدى الجهات المعنية بمخاطر هذه الظاهرة، وما قامت به السلطات المحلية في محافظة إب من وضع حجر الأساس لبناء مخيم خاص يستقبل الآلاف من المهاجرين الأفارقة، خير دليل على ذلك..