المقالات

يناير الحرب المفتوحة

يناير الحرب المفتوحة

الجديد برس : رأي

آزال الجاوي

أصبحت مقتنعاً أن حرب 13 يناير 1986 هي حرب لم تضع أوزارها حتى اليوم والساعة. كل ما في الأمر أننا ننتظر ونُعد لجولات جديدة ضمن سلسلة شيطانية لم ولن نخرج منها حتى نمتلك القدرة والشجاعة على سبر أغوارها ومراجعتها وتقييمها والتحدث عنها بحرية، ثم إنصاف الضحية ومعاقبة الجاني. بعد ذلك يمكننا التحدث عن أنها حرب من الماضي وليست حرباً مستمرة إلى اليوم وتهدد مستقبلنا أيضاً. وحينها فقط يمكننا أيضاً التحدث عن تصالح وتسامح وإغلاق ملفات الماضي والتفرغ لبناء مستقبل واعد. فهل نمتلك الشجاعة لفعل ذلك؟! لا أحد يقول لي مش وقته!
عدم ضبط الجاني ومعاقبته يؤدي بالضرورة إلى استمرار الجريمة وتكرارها.. لذلك نحن مستمرون في تلك الحرب (الجريمة) المفتوحة وفي تكرار الأخطاء نفسها!
في الحرب السياسية يقتل الخصم خصمه أثناء المعركة والمواجهة أما عندما يقتل الخصم خصمه وهو أعزل أو معتقل أو أسير ودون حرب أو بعد انتهائها فهذه جريمة جنائية ضد الإنسانية يجب معاقبة مرتكبها، وليست حرباً سياسية.
معظم من قتلوا في أحداث يناير 1986، ربما أكثر من 90% قتلوا وهم عزل ومعتقلون، بل إن غالبيتهم لم يشاركوا في القتال أساساً، لذلك الاغتيالات مستمرة إلى اليوم دون ردع أو عقاب والجاني مستمر أيضاً!!
لا يخجل الناس عندما يتحدثون عن الحروب السياسية مهما كانت بشعة، ويحفظون تاريخها ويدرسونها ويحاولون الاستفادة من دروسها ويكرمون أبطالها. أما الجريمة فلا أبطال فيها، وكل الأطراف تتحاشى الحديث عنها، ويخجلون من ذكرها، ويخافون من مجرميها إن كانوا مازالوا طلقاء دون عقاب. وهذا هو حالنا مع جريمة 13 يناير 1986 المستمرة.
يقول علم الإجرام والعقاب إن إخفاء المجرم لعناصر الجريمة أو لأحد عناصر الجريمة أو جزء منها هو دليل واضح على نية الجاني الاستمرار في الجريمة وتكرارها.
حتى الساعة لا نعرف مصير آلاف المفقودين من أحداث 13 يناير، أو حتى أماكن التخلص من جثثهم أو أي شيء، بل على العكس ما يزال الاغتيال والإخفاء القسري مستمراً، والجاني ما يزال طليقاً.
أوليس ذلك أكبر دليل على أن حرب يناير مستمرة؟!!
مشكلة حرب 13 يناير أنها لم تكن حرباً لهزيمة الآخر وإبعاده من السلطة فقط، بل كانت حرباً لاجتثاث الآخر (العدو) من الوجود والحياة بالمطلق، مع توسع في مفهوم من هو الآخر (العدو) ليتجاوز المحارب أو السياسي أو حتى المخالف في الرأي إلى الرابط الجغرافي أو مسقط الرأس، ليجعل من منطقة جغرافية كتلة منتصرة حد الاجتثاث الشامل لمناطق أخرى.
هذا ليس شيئاً من الماضي المندثر، بل إن فكرة التكتل المناطقي مازالت قائمة، وما زال هناك من يجاهر باجتثاث الآخر ويعتبرها بطولة، وهناك من يصفق له ويعتبره بطلاً.
أوليس هذا من ذاك الماضي الذي وضعت مداميكه 13 يناير 1986؟
من حائطه في “فيسبوك”.