ويبدو واضحاً أن أردوغان لن يفوز في الجولة الأولى من الانتخابات، وسط توقعات الجميع بحصوله على نحو 44-45 في المئة من الأصوات، مقابل 30 في المئة لمحرم إينجه و12-13 في المئة لميرال أكشينار، و3 في المئة لتامال كاراموللا أوغلو، ونحو 10 في المئة لصلاح الدين دميرتاش. وتحدثت المعلومات عن قلق كبير في أوساط «العدالة والتنمية» بعدما بات واضحاً أنه في حال حصول إينجه، على دعم مطلق من حزب «الخير» ذو الميول القومية و«السعادة» ذو الميول الدينية و«الشعوب الديموقراطي» الكردي، فسوف يفوز على أردوغان، وربما بنسبة قد تصل إلى 53-54 في المئة. ويدفع هذا الاحتمال الأوساط السياسية إلى الحديث عن سيناريوات مثيرة أهمها احتمالات إلغاء أردوغانَ الانتخابات في حال تقدّم المعارضة في الانتخابات البرلمانية غداً الأحد، وفشله في الفوز بجولة انتخابات الرئاسة الأولى. كذلك، يستمر حديث المعارضة عن احتمالات وقوع عمليات تزوير كبيرة خلال عملية الاقتراع، وبعد ذلك خلال عملية الفرز والعد، من قبل اللجنة العليا للانتخابات، التي سبق لها أن قامت بتزوير نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية في 16 نيسان من العام الماضي، وذلك على حد قول كمال كليشدار أوغلو، الذي وصف اللجنة بأنها «عصابة خطيرة موالية لأردوغان». واستنفرت كل أحزاب المعارضة جميع إمكاناتها لمنع عمليات التزوير، فيما هدد إينجه وأكشينار، بمداهمة مقر اللجنة العليا للانتخابات وتدمير المقر، في حال التأكد من عملية التزوير. وسبق لأحزاب المعارضة أن اتهمت أردوغان بعدم احترام الدستور والقوانين، واعتبرت الانتخابات «غير ديموقراطية ولا عادلة أو نزيهة»، على اعتبار أن أردوغان يستغل موقعه كرئيس للجمهورية ويسخّر، خدمة لحملته الانتخابية، جميع مرافق وأجهزة الدولة بما فيها الجيش والأمن والقضاء.

واحتل الملف السوري، موقعاً هاماً في خطابات إينجه وكليشدار أوغلو وأكشينار. فقد قال إينجه أكثر من مرة إنه في حال انتخابه رئيساً، سوف يعيّن سفيراً جديداً في دمشق ويعيد العلاقة مع الرئيس بشار الأسد إلى وضعها الطبيعي، ليساهم ذلك في إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وهو ما أكدت عليه أكشينار باعتبارها اللاجئين عبئاً كبير على الاقتصاد. وكان زعيم «الشعب الجمهوري» أكثر وضوحاً عندما تحدث عن تشكيل «منظمة السلام والتعاون الشرق أوسطية»، والتي يفترض أن تضم كلاً من سوريا وإيران والعراق وتركيا، وتوقع عقد قمة رباعية عاجلة في إسطنبول تضم زعماء الدول الأربعة. وتوقعت أوساط سياسية أن يكون قرار أردوغان إجراء الانتخابات قبل موعدها الدستوري بسبعة عشر شهراً، مرتبطاً بالتطورات المحتملة في سوريا وانعكاسات ذلك على مستقبله السياسي من دون أن تتجاهل تلك الأوساط، المفاجآت المحتملة في العلاقات الأميركية ــ التركية، باستمرار أردوغان في السلطة أو سقوطه.
ومع استمرار الحديث عن أخطار الوضع الاقتصادي والمالي، بعد أن وصلت الديون الخارجية إلى 530 مليار دولار، حمّل كليشدار أوغلو في حديثه الأخير لقناة «Tele1»، الفساد والسرقات مسؤولية تلك الديون، موضحاً أن الحكومة باعت منذ تسلمها السلطة نهاية عام 2002، جميع مؤسسات ومرافق الدولة بسبعين مليار دولار، فيما تجاوز الدخل القومي ضمن الفترة المذكورة 2000 مليار دولار، من دون أن يعرف أحد كيفية صرف تلك الأموال. وتراجعت قيمة الليرة أمام الدولار واليورو بنسبة تصل إلى 10 في المئة خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وعلى رغم قرار البنك المركزي برفع الفائدة السنوية لتصل إلى عشرين في المئة، إلا أن تلك النسبة لم تكن كافية لإقناع الرساميل الأجنبية ومؤسسات التمويل الخارجي بالاستثمار في تركيا بسبب وضعها السياسي والأمني والمالي القلق. وتهرّب أردوغان من الحديث إلى هذا الجانب، محاولاً إقناع ناخبيه بأنه بنى الجسور المعلقة والأنفاق تحت البوسفور ومد 20 ألف كيلومتر من الطرقات، ومذكراً إياهم بأنه «لم يكن في البيوت قبل مجيئه إلى السلطة، برادات وغسالات وأفران». ووعد الرئيس المرشح، مواطنيه، بافتتاح «مقاهٍ تقدم الشاي والقهوة والكاتب والبوريك مجاناً». واستغلت المعارضة أحاديث أردوغان هذه لتحوّلها إلى مادة فكاهية عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

لا تستبعد أوساط معارضة إلغاء أردوغان الانتخابات إن فشلت تطلعاته

وصف كليشدار أوغلو، انتخابات الغد، بأنها تاريخية، لأنها ستقرر مصير ومستقبل تركيا مع أردوغان أو من دونه. واعتبر أن انتصار المعارضة سيفتح صفحة جديدة في تاريخ البلاد، تتيح «بناء تركيا الجديدة وفق المعايير والمقاييس العالمية الخاصة بالديموقراطية واحترام كافة الحريات، والعمل على إعادة بناء كل ما خرّبه أردوغان على الصعيدين الخارجي والداخلي». ولا تستبعد بعض الأوساط مفاجآت مثيرة في انتخابات الغد، التي لم يكن أردوغان ليدعو إليها لولا ثقته بالانتصار في الجولة الأولى، وبأي شكل كان، وفق رؤية بعض تلك الأوساط. هذا التوقع دفع أكشينار إلى اتهام صهر أردوغان، وزير الطاقة بيرات البيرق، بأنه اتصل مع المسؤولين في وكالة «الأناضول» الرسمية، وطلب منهم الإعلان عن فوز أردوغان بنسبة 52 في المئة عند الساعة التاسعة من ليل الأحد.


انتخابات المغتربين

سجّلت نسبة التصويت للناخبين الأتراك في الخارج، 48.78 في المئة، وفق ما نقلت وكالة «الأناضول» الرسمية عن اللجنة العليا للانتخابات، أي ما يعادل 1486408 ناخبين من أصل 3047065 يحق لهم الانتخاب. ويمكن للأتراك، الذين يعيشون في الخارج وفاتهم التصويت، الاقتراع في المعابر الحدودية التركية حتى الساعة الخامسة من يوم غد الأحد. السلطات التركية كانت قد وضعت صناديق اقتراع في 123 ممثلية خارجية في 60 دولة، بينها 63 ممثلية في أوروبا، التي يعيش فيها نحو 2.5 مليون ناخب. ويتوزع غالبية هؤلاء الناخبين، بين كل من ألمانيا (1.4 مليون) وفرنسا (340 ألفاً) وهولندا (250 ألفاً) والنمسا (105 آلاف) والمملكة المتحدة (100 ألف).