المقالات

الثورات الشعبية ضد الهيمنة الأمريكية ..

الجديد برس : مقالات واراء

كتب / شبيب الاغبري

عند الحديث عن الثورات الشعبية يجب الفصل بينها وبين الحركات الانقلابية على الأنظمة الحاكمة والتي تكون غالباً – تلك الحركات الانقلابية – مدعومة من الأنظمة الخارجية وتستمد شرعيتها من الخارج وتلقى مباركة وترحيب أمريكي كبير، ويصاحبها قمع لكل الحركات الوطنية السياسية والاعلامية والحقوقية وتعتيم الصورة الحقيقة عن عيون الشعوب.

أما الثورات الشعبية هي تلك الثورات الناتجه عن الغضب الشعبي ضد الأنظمة الدكتاتورية الخانعة للقرارات الأمريكية، وتلقى انزعاج وغضب دولي كبيرين ومحاولات مستميته لاجهاضها تنتهي بالتدخل المسلح لاجهاض الثورة الشعبية.
وتجد أن الأمريكيين والاسرائيليين هم أكثر من يشعر بالانزعاج من قيام ثورة شعبية في البلدان العربية ضد الأنظمة العربية الأمريكية الصنع التي تنفذ السياسة الأمريكية بالبلد بما يخدم المصلحة الامريكية الصهيونية، لذا تجدهم أول الرافضين للثورة الشعبية ويصفونها بالانقلاب على الشرعية .

كون تلك الثورات تمثل في نظر الامريكيين والصهاينة خطر على المصلحه الاستعمارية لهما، أذ أنه ليس من مصلحة الغرب وجود دولة عربية قوية تعمل على توحيد كلمه العرب وتحمي مصالح العرب والمسلمين، ويظهر ذلك جلياً في موقف الامريكيين والصهاينة من الثورة الايرانية والثورة اليمنية في ٢١ مارس ٢٠١٤م.

عندما بدأ السخط الهائل في صفوف الشعب الايراني عام ١٩٧٨م على الوضع في البلاد وخضوع سياستها الداخلية والخارجية لمصالح الامبريالية الأمريكية واتخذ السخط شكل نضال ضد نظام الشاه، وبداية ثورة شعبية في ايران اشترك فيها ملايين الايرانيين في سبتمبر ١٩٨٧م وانتهت بالقضاء على نظام الشاه الأمريكي.

حينها تدخل الامريكيون في شؤون ايران الداخلية بخشونة ووقاحة خلافاً للقانون الدولي وميثاق هيئة الأمم المتحدة، وكانوا على استعداد للتدخل المسلح لكي تخنق الثورة الايرانية وتحفظ نظام الشاه، ولم يحل دون التدخل المسلح الامريكي غير اتحاد جميع القوى التقدمية في ايران على اساس النضال ضد نظام الشاه وضد الهيمنة الأمريكية.
عمدت حينها أمريكا دعم دولة العراق لشن حرب على ايران استمرت ثمان سنوات، لم يحقق العراق خلالها اي انتصار يذكر على ايران يمكن تقديمه للأمريكان، بل انها كانت بمثابه حرب استنزاف لقوى الجيش العراقي، الأمر الذي سهل للأمريكان من الاجهاز على العراق وفرض حصار جوي وبحري عليه لعدة سنوات ثم شن حرب انتهت بالقضاء على نظام صدام حسين واحتلال أمريكا للعراق والتي عملت على انشاء وتدريب الجماعات التكفيرية المنتشرة حالياً في كل جزء من العراق يعيثون فيها فسادا.

أما ايران خرجت من الحرب أكثر قوه من حيث الاكتفاء الذاتي والتصنيع الحربي والتي اصبحت تنافس بها اكبر الدول المصنعه للسلاح، لتصبح احدى الدول التي تمتلك حق تخصيب اليورانيوم واستخدمه في التصنيع الحربي.

بعد نجاح الثورة الايرانية وخروجها من تحت الهيمنة الأمريكية شعر الأمريكيون بضرورة ايجاد حل لمثل تلك الثورات، والناتجة عن زيادة حدة غضب الشعوب العربية على انظمتها الدكتاتورية.
عمل الامريكيون على حل المشكلة قبل زيادة حدة غضب الشعوب بخلق ثورات تسمى “ثورات الربيع العربي” تدير مخططها وتتحكم بمجرياتها وتصنع ابطالها وانجازاتها وشهدائها والخسائر الناتجة عنها.. امريكا تحدد كل شيء وهي أول من يبارك انتقال السلطة الحاكمة الجديدة.
ومع حلول العام ٢٠١١م وانطلاق مايسمى بثورات الربيع العربي الداعية لاسقاط النظام والتي بدأت بتونس ثم مصر واليمن وليبيا وسوريا، شهدنا اعلان الولايات المتحدة مباركتها لهذه الحركات الشعبية والتي نجحت في تنفيذ مخططها في كل البلدان عدا سوريا واليمن، ويرجع فشلها في اليمن إلى أن الشعب اليمني يعي المخطط الأمريكي واعلن استمراره في ثورته ضد الهيمنة الامريكية وانتهاكاتها للسيادة اليمنية منذ وقت مبكر سابق على 2011م.

وهنا تتضح لنا جلياً خيوط المخطط الصهيوأمريكي للقضاء على العالم الاسلامي وهيمنة الصهيونية على العالم.
ويتضح سبب العدوان الصهيوأمريكي على اليمن منذ مايزيد عن خمسة عشر شهرا ولازال مستمرا حتى الان ابتداء من ٢٦ مارس العام الماضي.

الشعب اليمني مستمر في ثورته ضد الاستكبار والهيمنة الأمريكية وضد التدخلات الخارجية سواءً كانت أمريكية أو غيرها، ويعي جيداً خطورة المرحلة وضرورة التصدي لكل من يفكر المساس بالثورة ومنجزاتها التي تحققت حتى الان ولازالت تتحقق بفضل التضحيات والدماء التي سالت.
سينتهي العدوان طالت مدته ام قصرت وسيخرج منه اليمن بشعبه الثائر أكثر قوة وتحديا لاستئصال ما يسمى الارهاب ومواصلة مسيرة البناء والتنمية على اسس ايمانية سليمة.