الأخبار المحلية تقارير

الأزمات تخنق عدن والانتقالي يتقمّص دور المعارضة وسط غضب شعبي متصاعد

الجديد برس| تقرير- خاص|
وسط صيفٍ لاهب وانقطاعٍ مستمر للتيار الكهربائي، يعيش سكان العاصمة المؤقتة عدن، الخاضعة لسيطرة الحكومة الموالية للتحالف، واقعاً مأزوماً، تُثقل كاهله الأوبئة والانفلات الخدماتي، في ظل صمت حكومي خانق، وعجز متواصل عن اتخاذ قرارات إنقاذية تُخفف معاناة المواطنين.
وفي مشهد يعكس حالة الفشل والتناقض السياسي، خرج المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من الإمارات، بتصريحات يلوّح فيها بأنه “لن يقف موقف المتفرّج” أمام ما يجري، رغم أنه هو الجهة الحاكمة فعلياً في عدن والمسيطرة على مفاصل السلطة والأمن والموارد.
المفارقة – بحسب مراقبين – أن الانتقالي، الذي يفضّ الاحتجاجات بالقوة ويسيطر على القرار الإداري والمالي، يحاول اليوم لعب دور المعارضة، في وقت تُغرق فيه أزماته سكان الجنوب، وتُهدّد بثورة شعبية متفجرة.
وفي خضم هذا الاحتقان، التزم رئيس الحكومة سالم بن بريك الصمت والغياب، تاركاً المشهد للانهيار، من دون أي خطط إسعافية أو حتى خطاب طمأنة، ما عمّق فجوة الثقة بين المواطن والسلطة.
أكاديميون وإعلاميون: المجلس الانتقالي شريك في الفشل والفساد
وسائل إعلام جنوبية تناقلت جملة من ردود الفعل الأكاديمية والإعلامية الغاضبة،  رصدها “الجديد برس” كان أبرزها تعليق الدكتور عادل المسني، الباحث في العلاقات الدولية، الذي قال إن “غياب النية الجادة من قبل المجلس الانتقالي” هو ما يمنع أي حلول حقيقية من التقدّم، رغم تقارير الفساد المستشري داخل المؤسسات العامة بعدن.
المسني أكد أن “الانتقالي يستفيد من الفساد بشكل كبير، ولم يتوقع أن يصل إلى مستوى يُفجّر الشارع”، مشيراً إلى أن انقطاع الكهرباء في صيف الجنوب يُعد “القشة التي قصمت ظهر البعير”، في ظل غياب بقية الخدمات الحيوية كصرف الرواتب والمياه والصحة.
من جانبه، قال الصحفي عبد الجبار الجريري إن الشارع الجنوبي بات يُدرك تماماً أن الانتقالي جزء من الأزمة، لا من الحل، مؤكداً أن الانتقالي “لا يستطيع أن يضع نصفه في الحكومة والنصف الآخر في المعارضة”.
وأضاف: “المجلس الانتقالي فضّ المظاهرات بالقوة قبل أيام، والناس اليوم تصرخ في وجه الجميع: برع يا انتقالي، برع يا شرعية، برع يا تحالف”، مشيراً إلى أن رئيس الانتقالي عيدروس الزبيدي يترأس لجنة الإيرادات السيادية، ما يجعله “على علم تام بكل مصادر الدخل والنفقات، ولا مبرر للتنصل من المسؤولية”.
“لا دولة تنهض.. ولا ثورة تُستكمل”
وبحسب نشطاء، فإن الجنوب يشهد اليوم انهياراً كاملاً في نموذج الحكم الذي وعد الناس بالتغيير، إذ لا مشاريع تنهض، ولا إدارة فاعلة، ولا خطوات لمكافحة الفساد. بل تُدار الدولة من قبل نخبة سياسية تفتقر للجرأة على تحمل المسؤولية، وفق وصفهم.
صيفٌ مشتعل وغضب شعبي في تصاعد
في ظل هذه الأزمات، يتصاعد الغضب الشعبي جنوباً، وتنتشر دعوات للتصعيد والاحتجاج، مع تزايد الشعور بأن القوى المسيطرة فقدت الشرعية الأخلاقية والسياسية للبقاء في مواقعها، لا سيما مع افتقادها لأي رؤية إنقاذ حقيقية.
وتبقى عدن ومحيطها رهينة لأزمة حكم مركبة، يتقاطع فيها النفوذ الخارجي مع فساد محلي، والنتيجة: مدينة تغرق بالصمت، وناس تختنق بالحر، وتبحث عن خلاص بات أبعد من أي وقت مضى.