المقالات

قائمة الكرتون والدين في تلفازي..!!

الجديد برس : مقالات

بقلم / ملك المداني

 

 

قبل ايام قليلة بينما كنت اشاهد التلفاز وانا اتصفح القنوات الموجودة على مفضلة ( الرسوم المتحركة والكرتون ) واتنقل من قناة لأخرى ، تفاجئت برؤية احدى اشهر القنوات الاخبارية التابعة للأعلام السعودي تقوم بعرض عمليات عسكرية تحت مسمى : ( الجيش السعودي يدحر ويصفي الشريط الحدودي من الحوثيين ومليشيات صالح ) واستغربت جداً ! مالذي جاء بقناة اخبارية لها صيت وسمعة واسم معروف الى هذه القائمة المخصصة ( للأطفال ) ؟! لا ادري قلت في نفسي ، والقيت باللوم على جهاز البث الصيني ، ربما هو خطاءً او خللاً برمجي فيه ، هكذا هن الاجهزة الصينية ليست محل ثقة عادةً ! ولكن ماذا لو كانت الصين بريئة على عكس ثلثي دول العالم اللاتي اذنبن بحقنا ! ، ماذا لو كانت محاولة سعودية لخداع الاطفال بعد ان فشلت محاولاتها في خداع الكبار ماذا لو كانت قد اشترت ذمة احدى القنوات الكرتونية مثلما اشترت ذمم جميع القنوات ! حسناً ان كانت هكذا الم يدرك مفبرك هذا المقطع ان نظرة واحده لمشهد الارتال السعودية وهي تفر من امام حفاة الاقدام ستجعل من اطفالنا يقولون ( سلام الله على سميرة ، لقد كان صمودها اسطورياً امام عدنان الحافي مقارنة بالجيش السعودي ) ..! الم يدرك مفبرك هذا المقطع أن اطفالنا لم تنطلي عليهم خدع ( والت ديزني ) فكيف ينتظرون من خدع ( الجبير وعسيري ) ان تحقق لهم نتيجة ، ان كان اطفالنا لم يستسيغون حكاية الضفدع الذي تحول الى أمير فكيف عساهم سيبلعون حكاية السعودي الذي تحول فجاءة الى رجل !! هكذا دون سابق انذار ، لا قبلة اميرة ولا خلطة ساحرة ولا تلويحة عصاء جنية الامنيات ، انما فجاءة هكذا تحول الى رجل !! وامام من ؟!! امام خلاصة الرجولة وعبق العنفوان امام من خلقت الرجال من طينة سواعدهم وقطرات عرقهم ، امام اليمانيون انفسهم امام الرجولة بذاتها ، فكيف عساهم سيخدعون ..! لايهم ، صحوت من غيبوبتي وتوقفت عن رسم التحليلات ووضع الافتراضات وامسكت بجهاز التحكم وبدلت القناة . وفوجئت مرة اخرى ! ولكن هذه المرة كانت القناة يمنية وتعرض مقطع فيديو تحت مسمى : ابطال الجيش واللجان الشعبية يقتحمون ويسيطرون على موقع نهوقة في نجران !! استغربت مرة اخرى وتسألت مرة اخرى وألقيت بالفضل هذه المرة ! على جهاز البث الصيني ، ربما يكون جهازاً ذكياً يعرف مالذي يدخل السرور على قلب المتابع ويقوم بعرضه ! هكذا هن الاجهزة الصينية تكون محل ثقةً نادراً ! ولكن ماذا لو كانت الصين بريئة من هكذا فضل على غرار ثلاثة ارباع دول العالم اللاتي لم نر لهن فضل واحد في هكذا حرب مقيته ! ماذا لو كان خطاءً برمجياً بالفعل ! ام ماذا لو كان التنكيل بالعدو السعودي يلقى رواجاً عالياً لدرجة جعلت من هكذا مقاطع مصوره ، مرغوبة حتى لدى قنوات الاطفال ! ماذا لو كانت الاحترافية في الرجولة والمهنية في البطولة قد ارغمت العالم على مشاهدة تلك المقاطع التي تنتجها اليمن اكبر شركات العالم في تصنيع الافلام الرجولية والبطولية التي تكاد تصبح ضرباً من الخيال ! حسناً ان كانت هكذا هل ادرك مصور هذا المقطع ان نظرة واحدة لمشاهد البندقيات وهي تكر وتمر امام المجنزرات والدبابات الثقيلة كفيلة ب محو جميع الشخصيات الخرافية من مخيلات اطفالنا ! هل ادرك مصور هذا المقطع انه طمس فنتازيا الكرتون ونزع كل ابطاله الخياليين من عقول اطفالنا واستبدلهم بالشعث الغبر ! ليته يدرك ، وليتهم يدركون انهم باتوا رواياتنا المحكية وحكاياتنا المروية ، ليتهم يدركون أننا نقص على اطفالنا خيال مايقومون به واساطير مايحققونه ! ليته يدرك !! استيقظت من غمرة فرحتي بما شاهدت ، واردت ان احمد الله لذلك ، اخذت جهاز التحكم وفتحت قوائم المشاهدة واخترت مفضلة ( القران والدين ) ! ولكنني فوجئت مرة ثالثة ! رأيت نفس القناة الاخبارية السعودية وشاهدت في شريطها الاخباري عبارة : الجيش السعودي ( يطهر ) الربوعة من رجس المليشيات الحوثية والعفاشية ! لم اهتم هذه المرة بكون الصين مذنبة ام لا وقفزت لمقطع التحليل والتساؤلات مباشرةً الم يدرك مهندس هذه العبارة أن نظرة واحدة على فقه الطهارة لدى الوهابية تكفي لأن يتيقن القارئ أنه لم يجري تطهير أي شيء ! الم يدرك مهندس هذه العبارة ، أن لمحة واحدة على شروط الطهارة الوهابية تكفي لأن يعرف القارئ أن تطهير الربوعة يعني أنها مسحة واحدة بقليل من ( القذائف ) تمت على اطراف المدينة فقط ، لاشوائب ازيلت ولا نجاسة طهرت ، انما هو تدليس وزيف ليصح لهم فرض الصلاة على قنوات فجورهم ! استغربت من بلاهة هكذا خبر ، وبدلت القناة علني اجد مايكسبني اجراً وثواباً لأخرتي عوضاً عن الخزعبلات الوهابية ! وبالفعل بدلت القناة ، ولكنني لم اتفاجئ هذه المرة برؤية نفس القناة اليمنية التي رأيتها على القائمة السابقة ( فقد تعودت على المفاجأت ) وشاهدت على شريطها الاخباري عبارة : ابطال الجيش واللجان الشعبية يقومون بتطهير مديرية المسراخ من دنس الغزاة والمرتزقة ! تجاهلت الصين مرة اخرى فلم يعد يهمني ماموقفها ! وقلت في نفسي : هل ادرك كاتب هذه العبارة أن نظرة واحدة على فقه الطهارة لدى ( الزيدية ) تكفي لأن يدرك القارئ ان عملية التطهير قد تمت قبل ايام كثيرة ، انما هو الاحتراز والحرص والخلخلة والغلغلة وراء كل صخرة واسفل كل حجر هو ما اخر الاعلان عن الطهارة ! هل ادرك كاتب هذه العبارة ، ان من شدة حرصنا على التطهر وازالة النجاسات قد يجعل من هكذا عملية تطول لدرجة أننا لاننتهي منها احيانا الا وقد صابنا عارض من عوارض النجاسات ممايضطرنا للعودة من البداية ! ليته يدرك ! صحوت من سكرة لذاتي باجتماع هكذا نقائض في نفس الاماكن ، واردت ان اكمل رحلتي في باقي القوائم ، الا ان صوتاً غليظاً قاطعني ( مابالك لاتغادر قناتي المسيرة والعربية ) بالعامية طبعاً !! عندها ادركت أنني كنت منذ في البداية في قائمة ومفضلة ( الاخبار والسياسة ) ولم اخرج منها بتاتاً ، انما هي الاحداث والحوادث التي تبث وتعرض عبثت بعقلي لعظمتها احيانا ولسخفها احياناً اخرى لصدقها ورونق مافيها حيناً ولزيفها وقبح ماتحتويه غالباً ، فعلاً أننا في عالم عجيب
يبعث على الدهشة والاعتزاز والسخرية ..!