المقالات

معارك البيضاء البداية لتوفير وطن قومي للإرهاب في العالم (1)..

معارك البيضاء البداية لتوفير وطن قومي للإرهاب في العالم (1)..

الجديد برس : رأي

عبدالفتاح حيدرة

عندما يتعلق الأمر بتوفير ملاذ آمن للإرهابيين المتمرسين، فإن بريطانيا لا تفشل أبدًا في الارتقاء إلى مستوى الحدث، إذ ان للإمبراطورية البريطانية موقف مفرط في تقديم الحماية للإرهابيين، بريطانيا كانت ولا زالت وسوف تبقى واحدة من الجناة الرئيسيين في زعزعة استقرار المنطقة العربية والاسلامية، منذ خمسينيات القرن الماضي وهي من كانت وراء الدمار الذي لحق بالعراق وليبيا وسوريا واليمن في الآونة الأخيرة ، وهي الدولة الاخطر عالميا في المعارضة والعداء للقوميين المسلمين والطبقات الاسلامية الناضجة والمعتدلة..
لذلك بدأت الإمبراطورية البريطانية في ترسيخ سيطرتها على العالم العربي بعد الحرب العالمية الأولى، بعد ان دخلت في شراكة مع الوهابيين السعوديين والإخوان المسلمين، ولم تكن الاتجاهات التي تمثلها هذه الحركات إلا من اختراع البريطانيين، وهم من فضلها وروج لها، وسمحوا للوهابيين بتأسيس وجودهم في الرياض عام 1901، بعد ان كانوا طائفة معزولة ومنفية في منطقة البصرة تعرف باسم (الكويت) حاليا، وبدعم إضافي من الإمبراطورية البريطانية ، توسع الوهابيون في الجزء الغربي من شبه الجزيرة العربية في عامي 1924 و 1925..
لقد دافع البريطانيون عن نموذج الإسلام الذي يمثله الإخوان المسلمين بدلاً من الإسلام المعتدل التقليدي الذي كانت تمارسه أقدم جامعة في العالم الإسلامي ، وهي الأزهر، لقد دافعت الإمبراطورية البريطانية عن هذه النسخة من الإسلام بشدة ونكران الذات، حتى لو لم يدرك الأزهر، المعقل التقليدي للتعليم الإسلامي في العالم، هذه الضرورة الملحة، وبحلول الوقت الذي اندمج فيه هذان الاتجاهان الرئيسيان للإسلام السياسي استراتيجيا في الخمسينيات من القرن الماضي وتحدي استقلال العالم الثالث والاشتراكية، اعتنق الأمريكيون استراتيجية الإمبراطورية البريطانية الإمبريالية..
كان العناق البريطاني – الامريكي يعني دعم الوهابيين في السعودية وآل ثاني في قطر وال الصباح في الكويت وآل نهيان في الإمارات ، ووضعهم تحت مظلتها الوقائية، وقد اكتسب هذا الدعم الأمريكي في البداية مصداقية عقائدية من خلال عقيدة أيزنهاور وامتد حتى الثمانينيات لدعم المرتزقة الإسلاميين أو من اسموا أنفسهم حينها المجاهدين ضد السوفييت في الثمانينات ليتحولوا بعد ذلك إلى طالبان و القاعدة وداعش..
بعد أكثر من ثلاثة عقود، يقرر الأمريكيون الانسحاب من أفغانستان وإنهاء أطول حروب الارتزاق الاسلامي في تاريخهم (2001-2021)، دون أي ضمان للحكومة الافغانية من أن تتمكن من التصدي لحركة طالبان، وهو ما يجعل البلاد عرضة لسيناريوهات تدور بين عودة الحرب الأهلية، واستمرار القتال بين الحكومة وطالبان في ظل تراجع الدعم الأمريكي والناتو لها..
لا تتضمن هذه السيناريوهات غير العودة النهائية لحركة طالبان والقاعدة وداعش للحكم ، فيما يشبه أكبر مفارقة في تاريخ الحروب الحديثة، فالحركات الارهابية الثلاث تعاني من ضعف عسكري بين يجعلها حتى الآن غير قادرة على السيطرة على أية مدينة كبرى في اي دوله تواجدت فيها ، على الرغم من اتساع نطاق سيطرتها في المناطق الريفية ، كما أن الحركات الثلاث لم تعد وحدها الحركة الإسلامية التي تسعى إلى إعادة الحكم الإسلامي، بل أن لها أجنحة أقوى سياسيا وعسكريا وماليا ، وأخطر هذه الأجنحة واقواها قربا للأمريكان والبريطانيين والإسرائيليين هي طالبان وقاعدة وداعش اليمن، ومن هنا تبدأ رحلة الحرب في مدينة البيضاء التي تسعى لعمل حاجز جبلي يشبه حاجز تورا بورا في أفغانستان لإعادة توطين الإرهاب في المنطقة العربية..
يلحق مقال الجزء الثاني
الأبعاد والأهداف للسيطرة على السلسلة الجبليه في البيضاء والمناطق الوسطى..