المقالات

البشير ساقطاً

الجديد برس : رأي

أحمد الحسني

ما إذا كان الانقلاب العسكري في السودان انحيازاً لإرادة الشعب وحقناً للدم السوداني الكريم كما جاء في البيان رقم (1) أو هروباً إلى الأمام ونوعاً من تبديل الأقنعة تقوم به المؤسسة العسكرية السودانية كما تراه قوى اليسار الثورية التي تطالب بتسليم السلطة إلى المدنيين وستستمر إراقة الدم السوادني، وهل سيكون الجنرال عوف نموذجا آخر من عبود أو سوار الذهب… كل ذلك لا يزال برسم الأيام القادمة. المؤكد هو أن عمر البشير قد سقط من الكرسي بعد أن ظل لثلاثة عقود يمارس كل أنواع السقوط ليعتليه وليحتفظ به.
سقط البشير على الكرسي كما سقط قبله عبود ونميري بانقلاب عسكري على حكومة ديمقراطية، وسقط عنه مثلهما بانتفاضة شعبية وانقلاب أبيض، لكن في عهد هذا الساقط وحده صار السودان دولتين ومشروع ثلاث دويلات، وفي عهد هذا الساقط فقط صار السوداني الكريم والشريف مرتزقا وبيع في مزادات الخليج بأبخس الأثمان، وفي عهد هذا الساقط فقط تحولت جامعة الخرطوم العريقة إلى دكان الإخوان الخاص لبيع الشهادات الجامعية، وفي عهد هذا الساقط فقط لم يسمح لطائرة الرئاسة السودانية أن تعبر أجواء عربية، ولأول مرة يحكم السودان نخاس ومطلوب إلى محكمة الجنايات.
سقط البشير بعد ثلاثين عاماً تمرغ السودان في وحلها وخسر خلالها الكثير من دم أبنائه والكثير من عزة النفس التي عرف بها، وطويت صفحة قاتمة من تاريخ السودان المشرق، وكان ثمنه مكرمة ملكية باستضافة المعتمرين السودانيين لـ24 ساعة، والمهم أن يتعافى السودان وينفض عنه ركام ثلاثة عقود من وحل البشير الساقط.