المقالات

“الفضائح العنقودية” تعرّي مقاصد التحالف السعودي “لا ساتر لهم اليوم” … بقلم/ وديع العبسي

الجديد برس – مقالات

 

في لحظة ما وبصورة عنيفة اهتزت المباني في العاصمة صنعاء.. تهشمت نوافذ بعضها والعض سقطت على ساكنيها.. ضجت الشوارع بالناس وتعالت الأصوات، هلع وذعر صاب السكان، الأطفال يبكون والنساء يصرخن والرجال يتنادون بينما سيارات الإسعاف تحاول اختراق الخطر لإنقاذ ما أمكن إنقاذه من الأرواح.

سماء المدينة تلبدت بالدخان والغبار ومآذن المساجد تؤذن في الناس تدعو الأهالي إلى توخي الحذر ونجدة بعضهم.. ما لذي حدث؟!
ظن البعض أن زلزالا قد ضرب المدينة لكنه لم يكن كذلك، الكاميرات وثقت اللحظة ووثقت الحدث.
انفجار عنيف خلّف كتلة هائلة من اللهب غريبة اللون والرائحة في منطقة عطان عقب غارة لطيران العدوان السعودي الأمريكي يوم 20 ابريل2015م سببت كل هذا الدمار على غير الغارات المتواصلة السابقة.
يكشف الفحص والتحليل بعدها أن الأشقاء (العرب المسلمين) المتحالفين لقصف اليمن قد لجأوا لتغيير إستراتيجيتهم وبدأوا باستخدام أسلحة محرمة دوليا.
تكرر المشهد وتكرر والحدث في أكثر من مكان من محافظات الجمهورية، وتصدرت القنابل العنقودية مشاهد القتل والدمار.
فعل غير إنساني تداعت على إثره الضمائر الحية في العالم أجمع إلى كشف هذا الخرق في استخدام هكذا أسلحة عدّوه “جريمة ضد الإنسانية”، والى توجيه اتهامات واضحة ومباشرة للسعودية من تقود هذا التحالف، والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا من تقومان ببيع السعودية هذا النوع من الأسلحة تجاوزهم الفاضح لكل القيم الإنسانية والأخلاقية والأعراف والقوانين الدولية الضامنة حال الحروب لحياة المدنيين أمنهم ومعيشتهم.
في تقرير لها بعنوان “القنابل العنقودية الأمريكية تهشم الحياة في العاصمة صنعاء” نقلت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية شهادات بعض ضحايا هذه القنابل وأسرهم.
وأكدت الصحيفة في التقرير أن الولايات المتحدة باعت للسعودية مقاتلات وأسلحة أمريكية بمليار دولار.
مشيرة إلى أن نوابا أمريكيين والمنظمة الأمريكية لحقوق الإنسان “هيومن رايتس ووتش” يطالبون بحظر بيع السعودية أسلحة محرمة دوليا.
واتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش السعودية باستخدام ذخائر عنقودية أمريكية الصنع في اليمن. وأوضحت المنظمة في تقرير “وجود أدلة ملموسة وصورا ومقاطع فيديو تؤكد استخدام السعودية للذخائر العنقودية قرب مناطق مأهولة بالمدنيين في اليمن.”
وقال ستيف غوز مدير قسم الأسلحة في هيومن رايتس ووتش ورئيس “تحالف حظر القنابل العنقودية”، تحالف دولي لمنظمات تعمل على حظر الأسلحة العنقودية: “استمرار التحالف السعودي في استخدام الذخائر العنقودية المحظورة على نطاق واسع في اليمن يُظهر استخفافا كبيرا بأرواح المدنيين.”
وأعترف المتحدث السابق بإسم تحالف العدوان على اليمن بقيادة السعودية احمد عسيري باستخدام القنابل العنقودية في اليمن.
وقال أن القنابل التي أشار تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش إلى أنها أسلحة محظورة تستخدم في اليمن، باعتها لنا الولايات المتحدة.
وبحسب ماذكرت قناة سي ان ان الامريكية، قال العسيري ردا علي سؤال حول ما أثارته المنظمة عن استخدام السعودية لقنابل عنقودية من نوع CBU-105 في اليمن، إن بلاده تستعمل بالفعل تلك القنابل، مدعيا في ذات الوقت أنها تستهدف الآليات العسكرية.
ونقلت صحيفة “الغارديان” البريطانية رسالة بعث بها وزير الحرب في المملكة المتحدة مايكل فالون إلى النواب البريطانيين ردا على طلبهم تعليق بيع الأسلحة إلى السعودية، ورد فيها أن لندن سلمت الرياض 500 قنبلة عنقودية من نوع BL-755 في الفترة بين عامي 1986 و1989م.
وأعتبر خبراء إدعاء السعودية نهاية العام 2016م أنها قررت إيقاف استخدام الذخائر العنقودية من نوع BL-755، اعترافا صريحا باستخدام التحالف السعودي للذخائر العنقودية المحرمة دوليا.
وكانت تقارير إعلامية كشفت عن “العثور على بقايا قنابل عنقودية بريطانية الصنع في مواقع يمنية تعرضت لغارات العدوان” وهو ما أكده لاحقا تحقيق بريطاني حول استخدام قنابل عنقودية بريطانية الصنع من قبل التحالف العربي بقيادة السعودية.
كما أكدت وسائل إعلام بريطانية ومنظمات عالمية استخدام تحالف العدوان للقنابل العنقودية المحرمة والتي تتشظى إلى قنابل صغيرة جدا، تتناثر في كل مكان وتهدد حياة المدنيين لمدة طويلة.
في 15 فبراير 2016 وثقت منظمة “العفو الدولية” هجوما بواسطة صاروخ للذخائر العنقودية من نوع أستروس أصاب أحياء قحزة والضباط والروضة السكنية، مما أدى إلى إصابة مدنين.
ووثقت منظمة “هيومن رايتس ووتش” هجوما للتحالف بقيادة السعودية باستخدام صاروخ أستروس للذخائر العنقودية قرب مدرستين في حي الضباط قرب المدينة القديمة في صعدة في 6 ديسمبر ، ما أدى إلى الى قتلى وجرحى مدنيين.
فيما وجدت منظمة “العفو الدولية” بقايا صواريخ أستروس للذخائر العنقودية بعد هجوم في منطقة أحمى بصعدة في 27 أكتوبر2015م.
خلفت القنابل العنقودية المحرمة دوليا كما تُبين ذلك الشواهد ونتائج تحقيقات لجان محلية ودولية متخصصة (مستقلة) خسائر بشرية ومادية.
محافظتا صعدة وحجة كانت الأوفر في تلقي مثل هذا النوع من الأسلحة.. حيث تُظهر كشوفات مكتب الصحة في المحافظتين سقوط عشرات الضحايا، غالبيتهم من النساء والأطفال، خاصة من فئات رعاة المواشي والمزارعين.
مدير مكتب وزير حقوق الإنسان، طلعت الشرجبي يلفت إلى انتشار أعداد كبيرة من القنابل العنقودية في صعدة وحجة، مؤكداً أن مساحات واسعة تقدر بمئات الكيلومترات من أراضي المحافظتين تحولت إلى حقول ألغام
وأشار إلى أن استخدام الأسلحة المُحرمة من قبل التحالف السعودي بهذا المعدل “فضحَ أهدافَه المُعلنة وتعدّاها إلى كونها جريمة حرب تطال الأرض وتستهدف اليمنيين على المدى البعيد”.
وأكدت وزارة حقوق الإنسان أن استمرار العدوان السعودي الأمريكي في قصف المدنيين بالقنابل العنقودية والأسلحة المحرمة دوليا يعد انتهاكا خطيراً للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وقالت الوزارة في بيان “إن استخدام هذه الأنواع من الأسلحة المحرمة والتي تتسم بالعشوائية بحكم طبيعتها واستخداماتها وارتفاع معدلات ضحاياها وانفجارها الذي لا يقتصر على القتل والتشويه فحسب بل يمتد إلى إلحاق أضرار بالغة بمستقبل الحياة وسُبل العيش، يحول القرى والمدن اليمنية إلى حقول ألغام تمثل أخطاراً جسيمة ومميتة على السكان لسنوات مقبلة ”
ودعت الوزارة في بيان آخر مجلسي الأمن وحقوق الإنسان واللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى تشكيل لجنة دولية متخصصة للتحقيق في استخدام قوى تحالف العدوان بقيادة السعودية للأسلحة المحرمة دولياً ومنها القنابل العنقودية في مختلف محافظات الجمهورية .
يشار إلى أن القنابل العنقودية استخدمت في حرب فيتنام والعراق وسوريا واليمن وليبيا، وهي تحتوي على ذخائر متفجرة صغيرة، تنتشر عشوائيا على مساحات واسعة.. الكثير من هذه الذخائر الصغيرة لا تنفجر، فتتحول إلى ألغام أرضية فعليّة، وتُشكل تهديدا يستمر حتى بعد انتهاء النزاع.
وقد أصبحت القنابل العنقودية محرمة دوليا بعد اتفاقية 2008م، التي وقعها أكثر من 119 دولة.