المقالات

ثقافة اربعة عقود من سلطة ترفع الرذائل ومرتكبيها وتسحق الفضيلة ومعتنقيها .

الجديد برس : رأي 

عبدالجبار الحاج – كاتب صحفي 

عندما غدت المكانة والعلو من سمات اللصوص .. والخيانة بطولة ، والغدر دهاء وسياسة …
والنهابة حمران العيون والشرفاء سخفان العقول .
فنحن اليوم ما كنا عليه !!!

في البلدان والانظمة التي تشن حروبا دائمة وعقوبات رادعة ولا ترحم لا يختفي الفساد بالمطلق ولكنه عادة ما يحاول الفاسد ان يتظاهر بالحشمة مغطيا ما استطاع عورته خشية من الروادع والفضائح ..

لكن هذا يحصل في بلدان واوضاع يخشى فيها اللص من ان يقع في فخ العدالة ..

اما في بلادنا فقد سادت ثقافة الحاكم والرئيس والوزير والنائب والقائد والشيخ وتحولت الى سمات يتفاخر بشأنها الهؤلاء في كونهم اصحاب الفن والذكاء بل والدهاء في هكذا سلوك .. وبفضل الزعيم والقائد الرمز والابن الهمم ….الخ الالقاب عمر طويل ذهب منا ..فيه تعاظم شان الرذائل في الارتفاع باصحابها ودنو الفضائل وسحق معتنقيها ..
هذه ثقافة رسمية الى اليوم دامت اربعة عقود هي عمر جيل ونيف !!!
اصبح العلو يخالف الحشمة والشرف …

و الذي رسخ واختار معاونيه وركائزه من هذا النمط وولى وشجع ورفع وعمّر حتى صارت المناهب والمفاسد في بلدنا هي مذهب الدولة ونهج الفيد الرسمي لمال الشعب وثروته فطيلة ثلاثين عاما اصبحت فيها اللصوصية والفساد علامة رجولة وشطارة و مناصب ومواقع مرموقة ولا يلقاها الا حمران العيون ..

من هذا الواقع صار الفساد بطولة وشرفا يعرى فيها صاحبه من من الركبة الى ما فوق السرة ..
ولذا فان الفساد المحشر ويزداد يوما بعد يوما تفننا في الكشف عن عورته ..فهذا المستوى من الفساد لا يسقط بتهديده بالكشف عن سوئته .بل يسقط بالقبض عليه ومواراته الى حيث ينتزع منه كل حرام مكتسب ويقاد الى حيث تقر عدالة الشعب ان يقاد ..