المقالات

القصة التي لم يستوعبها أحد

الجديد برس : رأي

سنان الصايدي

كان ياما كان في قديم الزمان يحكى أن حاكماً عربياً كان ظالماً وجباراً ومتكبراً فكان قلبه لا يعرف الرحمة بتاتاً، وفي أحد الأيام أستيقظ هذا الحاكم المعتوه على رنين هاتفه الخاص فمد يده ليأخذ سماعة الهاتف وما أن رد على الأتصال حتى صار وجهه يتلون وقدمية ترتعشان ونبرات صوته شاحبةً خائفاً ، وهنا بدأت حكاية الأحداث التي قلبت المنطقة رأساً على عقب، إنتهى الأتصال وبدأ الحاكم يصرخ بصوت عال وظهر عليه الغضب الشديد وعمت الفوضى مقر إقامته وبدأ الخوف يلازم أفراد حراسته الذين لا يعلمون ما سبب هذا السلوك الغريب ومرت ساعات ومازال الوضع كما هو غضب وصراخ وفي لحظة مفاجئة عم الهدوء المكان فتقدم الحاكم الى قائد الحرس وأمره بأن يستدعي وزير الدفاع وبعد دقائق حضر الوزير وجلس أمام الحاكم وبدأ الحديث يدور بينهما وفي ثناياه أصدرت التوجيهات للوزير الذي أصيب بالذهول مما يقوله الحاكم، وهنا بدأت الامور تتضح شيئاً فشيئاً وبدأت دهاليز الأتصال تنكشف والتي أصابت الحاكم بالغضب بعد الأتصال المشئوم الذي نقل فيه المتصل قرار قيادة دول الاستكبار في شن الحرب على إيران خلال48 ساعة، وقد طمئن المتصل الحاكم واطلعه بكل شيء وأتضح أن شن الحرب على إيران قد تم الأعداد والتنسيق له جيداً فالدعم المالي والعتاد العسكري سيتكفل بها حكام الخليج كذلك الغطاء الديني تم تجهيز مجموعة كبيرة من علماء السوء لشرعنة الحرب.
 
 
وبعد مرور اليوم الأول من الوقت المحدد ومازالوا بعض الضباط الكبار معترضين على شن الحرب المفاجئ مما أعاد غضب الحاكم الذي يخافه كل كبير وصغير في العراق لمعرفتهم بظلمه وجبروته وطغيانه ولكن حدث مالم يتوقعه أحد منذ تولي الحاكم مقاليد حكم البلاد حيث تفهم سبب أعتراضهم في شن الحرب وبدأ يستخدم دهائه وجبروته حتى يتمكن من أقناع الضباط بالأمر المفروض عليهم ووصل به الحال الى أن كشف لهم كل اوراقه واطلعهم على كل ماجاء في ذلك الأتصال وقد كشف عن هوية ذلك المتصل وقال لهم بالحرف الواحد القرار قد أخذ من الدول العظمى وليس لنا القدرة في تحمل تبعات رفض ذلك القرار هذا ما نقله لنا السفير الأمريكي في بغداد وأكد لنا بأن هذا القرار لا رجعة فيه، وقد جاءت بعض التوجيهات والأوامر الصارمة والخطوط الحمراء الذي لم يستوعبها عقل الحاكم في حينها والذي جعلهم أمام خيارين لا ثالث لهما اما أن تشن الحرب و اما أن ترى منا مالا يحمد عقباه وهنا كان ينوه الى إزاحته عن كرسي الحكم.
 
 
وبدأ الحاكم بالتنفيذ عبر مسرحية المفاوضات بين العراق وإيران التي تهدف الى إخضاع وتركيع حكومة إيران للشروط والمطالب التي فرضتها دول الاستكبار بعد ثورة الخميني التي لم تروق لهم، ولكن المسرحية الهزيلة التي سأسرد لكم فصولها لا علاقة للحاكم بها
لا من قريب ولا من بعيد الا تنفيذاً لأوامر أسياده، وهنا جاءت أكذوبة إحتلال إيران للجزر الثلاث التابعة للإمارات في حينها والتي سلمتها لإيران بمحض ارادتها عام 1975م وعبر المفاوضات ولكن الدول الاستكبارية رأت فيها الطريق المناسب للرد على الثورة الايرانية المباركة، وتدخل حاكم العراق في الأمر حسب توجيهات وكشف الوجه القبيح للقادة العرب والمسلمين بمباركتهم للدول الاستكبارية في تركيع الشعوب المسلمة ونهب ثرواتهم .
 
 
وجاءت ثاني فصول المسرحية التي كانت أكثر دهاء عن سابقتها حيث أرادوا إشعال الفتنة بين المسلمين وضرب الإسلام من الداخل حينما أصروا وفرضوا أكذوبة التمدد الفارسي الشيعي التي باركها كذلك قادة دول الخليج خاصةً والمسلمين عامةً وأصبحوا كدمية في يد قوى الاستكبار، فتم توجيه علماء الساسه وعلماء المال الى إستخدام أسلوب التحريض ضد إيران بحجة التمدد الفارسي الشيعي لتهييج شعوب المنطقة وتجنيدهم والزج بهم في هذه الحرب كوقود لنارها الملتهب وكان لهم ذلك فقد كان الجنود اليمنيين الأوائل حين استقدمتهم دول الخليج بالاتفاق مع حكومة اليمن في ذلك الوقت للمشاركة في هذه الحرب كمرتزقة للمال الخليجي، والى يومنا هذا مازالت هذه أكذوبة العصر جارية في المنطقة وأصبحت معظلة دول الخليج والعالم الإسلامي.
 
 
ومرت السنين وأصبحت “أكذوبة العصر” ذريعة يستخدمها دول الاستكبار في تركيع وترهيب وتخويف دول الخليج من إيران، فصارت الوسيلة المفضلة لهم في حلب وسلب أموال دول الخليج ونهب ثرواتهم، فسبحان الله هنا اقتلب السحر على الساحر وصاروا هم المستهدفين، وتمخض هذا التحريض والأكاذيب عن حرب طاحنة بين البلدين استمرت ثمان سنوات أكلت الأخضر واليابس وكان فيها الدور الخليجي الراكع والمنبطح لدول الاستكبار داعماً اساسياً بالمال والسلاح والفتوى الدينية كمحفز للشعوب في المشاركة بالعدوان على ايران.
 
 
فقد عاش البلدان الشقيقان أياماً صعيبة وظروف صعبة للغاية جراء الحرب بالوكالة التى أكلت خير شباب البلدين ودمرت البنى التحتية للبلدين، لكن صمود ونضال الشعب الإيراني كان له كلمة الفصل بعد أن مالت كفة النصر لهم وأجبروا الحاكم الظالم على مراجعة حساباته والبدء في الإنسحاب وإعلان وقف الحرب الذي أغضب قادة دول الاستكبار
 
 
وبعد عصيان الحاكم وأعلانه وقف الحرب الذي ازعج دول الاستكبار وأربك حساباتهم ومخططاتهم، هنالك تم أخذ قرار بمعاقبة هذا الحاكم ليكون عبره للأخرين، وخلال سنتين فقط تمكنوا من الإيقاع بالنظام العراقي في اجتياح العراق للكويت عام 90م. فكان الرد سريع جداً للدول الاستكبارية بازاحة الستار عن ثالث فصول المسرحية والتي تمكنوا من خلالها من تشكيل تحالف دولي لشن حرب ضد العراق كاجراء عقابي للحاكم استمرت حكايته لفترة طويلة فكان الجزاء من جنس العمل فالله يمهل ولا يهمل، وبدأت نهاية الحاكم الإسطورة مسجونا يعاني الذل والهوان في سجون قوى التحالف الدولي وبعد سنوات طويلة اقدموا على محاكمته وإعدامه في يوم مقدس عند المسلمين يوم عيد الأضحى المبارك وتم التخلص منه نهائياً ليصبح من الماضي وجعلوه عبرة للحكام العرب .
 
 
وهنا ذكرتني هذا المسرحية والاحجية والأحداث بما يدور في منطقتنا العربية منذ عام2011م. من مؤامرات وتحالفات وعدوان على ال
وهنا ذكرتني هذا المسرحية والاحجية والأحداث بما يدور في منطقتنا العربية منذ عام2011م. من مؤامرات وتحالفات وعدوان على اليمن وسوريا، فذهبت أجيال وجاءت أجيال أخرى ومازلنا نرى عقليات أبو عقال بنفس الغباء السياسي ولكن هذه المرة تطور قليلاً ونقلوا غبائهم الى بعض شعوب المنطقة وأجبروا المتبقين على الخضوع والركوع لسلطة الأمر الواقع، فاجعلوا ماحدث في الماضي القريب وجهاً للمقارنة بما يحدث للمنطقة هذا الأيام وستلاحظون نفس المؤامرات والحجج الواهية ونفس المرتزقة ونفس الداعمين الخليجيين ولكن بوجوه جديدة تحمل نفس قذارة الذين سبقوهم بل تفوقهم قذارة وخشوعاً وخضوعاً.
 
 
وفي الأخير أذكركم بقول الله تعالى في قرانه الكريم ( وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ) وأبعث بكلماتي المتواضعة للشعب الخليجي والأمتين العربية و الإسلامية مهما كنتم خاضعين وراكعين للدول الاستكبارية ومهما قدمتم من تنازلات على حساب دينكم فوالله لن ترضى عنكم أبدا، فاتركوا طلب رضاهم، وأقبلوا على طلب رضا الله الحق، فكل هذا الحقد والكبر الشيطاني على المسلمين لانهم يرون أنفسهم أحق منا بكل شيء حتى اتفه الأشياء وهي ثرواتنا التى منحها الله لنا لازالت في مقدمة حقدهم واطماعهم