الأخبار المحلية تقارير

صحيفة أمريكية: قوات أمريكية خاصّة تحارب مع السعودية في اليمن

الجديد برس:

نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية تقريراً كتبه توماس جيبسون وإيريك شميت وهيلين كوبر، يتناول بالتفصيل تاريخ المساعدات التي قدّمتها الولايات المتحدة الأميركية للتحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية في حربها ضدّ الحوثيين في اليمن، لا سيّما بعد حصول «نيويورك تايمز» على تفاصيل عملية القوات الخاصة الأميركية من مسؤولين ودبلوماسيين أميركيين وأوروبيين.

 

والجدير ذكره، أنه لم تنشر أيّ معلومات عن العملية سابقاً، ولم يتم الإفصاح عنها.

 

تدخل القوات الخاصة الأميركية

 

يقول التقرير: إن الجيش الأميركي حاول منذ سنوات ـ منذ بدء الصراع في اليمن ـ أن ينأى بنفسه عن الحرب الأهلية الوحشية في اليمن، حيث تقاتل القوات التي تقودها السعودية، المتمرّدين الذين لا يشكّلون أيّ تهديد مباشر للولايات المتحدة الأميركية، إلّا أنه في أواخر العام الماضي، وصل فريق يضمّ حوالى 12 من القوات الخاصة الأميركية إلى الحدود السعودية اليمنية في تصعيد مستمر للحروب السريّة الأميركية». وحسب ما ذكره التقرير، فإنه بالتوازي مع عدم ظهور أي نقاش علني أو جدال حول الأمر، يتضح أن قوات الكوماندوز تساعد في تحديد مواقع الصواريخ الباليستية وتدمير مخابئها، ومواقع إطلاقها التي يستخدمها المتمرّدون الحوثيون في اليمن لمهاجمة الرياض والمدن السعودية الأخرى.

 

يذكر التقرير أن المعلومات بشأن تفاصيل العملية تتناقض مع تصريحات البنتاغون بأن المساعدات الأميركية للحملة التي تقودها السعودية في اليمن تقتصر على اللوجستيات وتزويد الطائرات بالوقود وتبادل عام للمعلومات الاستخباراتية.

 

ويذكر تقرير «نيويورك تايمز» أنه لم يتم الإشارة إلى عبور القوات الخاصة الأميركية الحدود اليمنية في تلك العملية السريّة، بيد أن إرسال قوات بريّة أميركية إلى الحدود يعدّ تصعيداً ملحوظاً للمساعدات الغربية لاستهداف المقاتلين الحوثيين المتمركزين في عمق اليمن.

 

نشأة التحالف وتدخل أميركا

 

يقول التقرير: إن بعد أن كانت اليمن قاعدة لتنظيم «القاعدة» على مدى سنوات طويلة على أرض شبه الجزيرة العربية، عصفت اليمن موجة من الاضطرابات الأهلية في عام 2014، وذلك عندما اقتحم الثوار الشيعة المسلمون القادمون من شمال اليمن العاصمة اليمينة صنعاء، وأطاح الحوثيون الموالون لإيران بحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، الشريك الرئيس لقوات مكافحة الإرهاب الأميركية في اليمن.

 

وأضاف أن في عام 2015، بدأ تحالف عسكري بقيادة المملكة العربية السعودية في قصف الحوثيين ما أدى إلى ردّ الحوثيين بإطلاق صواريخ على المملكة العربية السعودية، إلّا أنه لا يوجد أي دليل على تشكيل الحوثيين تهديداً مباشراً على الولايات المتحدة الأميركية، والتي تعتبر الحوثيين جماعة مسلّحة غير مطورة، فضلاً عن أنها ليس لها عمليات عسكرية خارج اليمن، وكذلك لم تصنّفها حكومة الولايات المتحدة الأميركية جماعة إرهابية.

 

ذكر التقرير أن القوات الخاصة الأميركية انتشرت على الحدود السعودية اليمنية في كانون الأول، أي بعد أسابيع قليلة من إطلاق الحوثيين صاروخاً باليستيا من اليمن، سقط قرب العاصمة السعودية الرياض، وقد اعترض الجيش السعودي الصاروخ فوق مطار الرياض الدولي ما دفع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى تجديد طلبٍ قديمٍ من المملكة العربية السعودية بأن ترسل الولايات المتحدة الأميركية قواتها لمساعدتها في مكافحة تهديد الحوثيين.

 

هذا وقد صرّح ما يقرب من ستة مسؤولين من الجيش الأميركي وإدارة ترامب والدول الأوروبية والعربية بأن القوات الخاصة الأميركية تدرب القوات البرية السعودية لتأمين حدودها، فضلاً عن أنهم يعملون بشكل وثيق مع محللين من الاستخبارات الأميركية في نجران ـ مدينة تقع جنوب السعودية هوجمت مراراً بالصواريخ ـ لمساعدتهم في تحديد مواقع صواريخ الحوثيين في اليمن.

 

ذكر تقرير «نيويورك تايمز» أن الأميركيين المتواجدين على الحدود المليئة بالثغرات بين البلدين، يستعينون بطائرات المراقبة التي يمكنها جمع إشارات إلكترونية من أجل تعقّب أسلحة الحوثيين ومواقع إطلاقها، ووفقاً لما ذكره المسؤولون، الذين تحدثوا جميعاً بشرط عدم الكشف عن هوياتهم نظراً لأنهم غير مصرح لهم التحدث علناً بشأن العملية.

 

تناقض

 

وذكر التقرير أنه خلال اجتماع عقد في الكابيتول هيل في أذار ضغط أعضاء مجلس الشيوخ على المسؤولين في البنتاغون من أجل توضيح دور الجيش الأميركي في الصراع الذي تقوده المملكة العربية السعودية في اليمن، طالبين تحديداً معرفة ما إذا كانت القوات الأميركية معرضة لخطر الدخول في عداء ضدّ الحوثيين، إلّا أن المسؤولين في البنتاجون أخبروا أعضاء مجلس الشيوخ بنفس ما صرحوا به علناً بأن القوات الأميركية المتمركزة في المملكة العربية السعودية تقدم النصح للمملكة العربية السعودية وداخل حدودها، وانصب جلّ تركيزها على الدفاع على الحدود.

 

في 13 آذار أخبر الجنرال جوزف فوتيل ـ رئيس القيادة المركزية الأميركية ـ لجنة القوّات المسلّحة في مجلس الشيوخ، بأنه «مصرّح لنا بمساعدة السعوديين في الدفاع عن حدودهم».

 

وأضاف: «ونفعل ذلك من خلال التبادل الاستخباراتي، والدعم اللوجستي، والمشورة العسكرية التي نقدّمها لهم».

 

وأضاف التقرير أنه في 17 نيسان، صرّح روبرت كارم ـ مساعد وزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي ـ أمام لجنة القوّات المسلّحة في مجلس الشيوخ بأن الولايات المتحدة الأميركية لديها حوالي 50 عسكرياً في المملكة العربية السعودية، موضحاً أنها «تساعد بشكل كبير في تهديدات الصواريخ الباليستية». وقد تدخلت القوات الخاصة من أجل التعامل مع المشكلات المتزايدة الصعوبة التي يواجهها الجيش السعودي، فضلاً عن أن تواجدهم في المملكة يعد أحدث مثال على توسيع العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية تحت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

 

ترامب وبداية تعاون مغاير

 

أشار التقرير إلى أن أول رحلة خارجية للرئيس ترامب عقب توليه منصبه كانت للرياض، وذلك قبل عام تقريباً، بينما على النقيض من ذلك، انتقد الرئيس السابق للولايات المتحدة الأميركية وباستمرار المملكة العربية السعودية على خلفية الإصابات المدنية الناجمة عن حملتها وقصفها لليمن، فضلاً عن وقفه مبيعات الأسلحة للمملكة العربية السعودية.

 

وفي آذار قابل الأمير محمد بن سلمان ترامب وكبار ومسؤولي الأمن القومي في واشنطن، ووافقت الإدارة الأميركية على بيع صواريخ مضادة للدبابات تقدر بـ670 مليون دولار، في اتفاقية حزمة أسلحة تضمّنت أيضاً قطع غيار للدبابات الأميركية والمروحيات التي اشترتها المملكة العربية السعودية سابقاً. ويضيف التقرير أن الرئيس الأميركي صرّح حينها بأن «المملكة العربية السعودية دولة غنية جداً، وسوف تعطينا كما نأم جزءاً من تلك الثروة في شكل وظائف وشراء معدات عسكرية»، ووصف الأمير محمد بن سلمان بأنه «أكثر من مجرد ولي عهد فحسب الآن»، ثم عرض ملصقاً يضمّ طائرات عسكرية بقيمة 12.5 مليون دولار أميركي وافقت الإدارة الأميركية على بيعها للمملكة العربية السعودية.

 

إلّا أن التقرير يشير إلى أن دعم الجيش الأميركي للحملة التي تشنّها السعودية ضدّ الحوثيين يختلف عن حملة البنتاجون ضدّ الميليشيات المسلّحة الأخرى في اليمن.

 

طبيعة المساعدات الأميركية في اليمن

 

يشير التقرير إلى أن خلال العامين الماضيين، شنّت القوات العسكرية التابعة للحكومة اليمنية والإمارات العربية المتحدة والمدعومة من الولايات المتحدة الأميركي حرباً موسّعة «مظلمة» في المناطق الجنوبية والوسطى في اليمن، واستهدفت تلك الجهود أكثر من 3000 عضو في حلفاء تنظيم «القاعدة»، وحلفائها القبليين، ما دفعهم إلى اللجوء إلى المناطق الجبليّة الوعرة.

 

ووفقاً لما أوردته القيادة المركزية الأميركية، فإن الولايات المتحدة الأميركية شنّت أكثر من 130 غارة جويّة على اليمن ضمن حملة ترامب المكثفة ضدّ المنظّمات الإرهابية خلال العام الماضي، موضّحة أن أغلب الغارات استهدفت مقاتلي القاعدة، وأطلقت 10 صواريخ ضدّ مقاتلي «داعش». وبالمقارنة بعام 2016، فإن الجيش الأميركي شنّ 38 ضربة على اليمن، واستمرت الغارات الجوية هذا العام.

 

صرح المسؤولون بأن المساعدة الأميركية للتحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية ضدّ المتمردين الحوثيين، والذي يضمّ كلاً من الإمارات العربية المتحدة والأردن ومصر، تم تشكيله بموجب وثيقة في عام 2015، عرفت باسم «مذكرة رايس تيمناً باسم سوزان رايس مستشارة الرئيس السابق أوباما للأمن القومي آنذاك. نصّت المذكّرة على تفاصيل المساعدة العسكرية التي تقدّمها الولايات المتحدة الأميركية، والتي تضمن منع الولايات المتحدة الأميركية من شنّ عمليات هجومية ضد الحوثيين، والتركيز على مساعدة السعوديين في تأمين حدودهم.

 

يذكر التقرير أنه في ظل إدارة الرئيس ترامب، يبدو أن نطاق المبادئ التوجيهية في المذكرة قد اتسع، وذلك حسب ما يتضح من إضافة طائرات المراقبة الأميركية وفرق القوات الخاصة.

 

تطور في ردّ الحوثيين

 

يشير التقرير إلى أن الحملة الجوية السعودية في عام 2015 استهدفت في بدايتها مخزونات الصواريخ البالستية السوفيتية القديمة التي استخدمت لأول مرة في الحرب الأهلية في اليمن عام 1994، والتي توقع الجيش السعودي أنها من الممكن أن تقع في أيدي الحوثيين. وفي أبريل 2015، وبعد شهر من الغارات، قال التحالف التي تقوده السعودية أنه حقّق أهدافه في تدمير الصواريخ والمعدّات المستخدمة لإطلاقها، بيد أنه في حزيران الماضي أطلق المتمردون الحوثيون أول قذيفة تسيارية بالستية ، والتي استهدفت مدينة خميس مشيط السعودية، وتقع على بعد 60 ميلاً من الحدود اليمنية السعودية.

 

ووفقاً للتقرير فإنه منذ ذلك الحين أطلق الحوثيون عشرات الصواريخ، بما في ذلك الصواريخ المضادة للطائرات قصيرة المدى المعدلة، وكذلك ذخيرة مستوردة من إيران، واستغل البيت الأبيض ووزارة الخارجية الهجمات لإدانة المتمردين الحوثيين، وكذلك مؤيديهم الإيرانيين، مؤكدة على تشديد موقف الإدارة من طهران.

 

صرح وزير الخارجية مايك بومبيو خلال زيارته إلى الرياض يوم الأحد الماضي، بأن إيران تزعزع استقرار المنطقة بأكملها»، وأضاف: «تدعم إيران بالوكالة الميليشيات والجماعات الإرهابية، فهي تبيع السلاح للمتمرّدين الحوثيين في اليمن».

 

قال كارم: إنه منذ عام 2015 أطلق المتمردون الحوثيون أكثر من 100 صاروخ بالستي، والعديد من الصواريخ الأخرى ضد المراكز السكنية الرئيسة والمطارات الدولية، والمنشآت العسكرية، والبنية التحتية النفطيّة، تقع جميعها داخل المملكة العربية السعودية.

 

وفقاً للبيانات التي قدّمها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، فإنه خلال الأربعة أشهر الأولى فقط من هذا العام، أطلق الحوثيون أكثر من 30 صاروخاً، ما يكاد يوازي نفس عدد الصواريخ التي أطلقت خلال عام 2017 كاملاً.

 

قال مايكل نايتس زميل في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى: إن القوات السعودية التي تحاول التصدّي للأسلحة المطلقة من الساحل الغربي لليمن ـ كالميناء الذي يسيطر عليه الحوثيون في الحديدة، وحيث يعتقد المسؤولين في الرياض أن الحوثيون يعتمدون عليه في شحن قطع الصواريخ ـ «ليس أمامها سوى خيارين فقط قابلين للتطبيق».

 

يقول نايتس: «إن الخيار الأول يتمثل في العثور على أماكن تخزين الصواريخ ما يتطلب قدراً موسّعاً من العمل الاستخباري». أما الثاني فهو أصعب بكثير: وهو الهجوم على مواقع الإطلاق. وعلى حدّ وصفه يقول نايتس: إن «لديهم مشكلة صعبة للغاية».

 

وحسبما جاء في تقرير «نيويورك تايمز» فإن المتمرّدين الحوثيين بامكانهم إخفاء منصات إطلاق الصواريخ المحمولة ونقلها إلى أي مكان داخل الأنفاق الموجودة تحت الطرق السريعة ما يمكنهم من نقلها بسهولة من أجل إطلاق سريع. ويتطلب التعامل مع تلك المشكلة وجود نظام مُحكَم لدى قوات التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية، ويمتد من الأقمار الاصطناعية وصولاً إلى القوات البرية، وذلك لضمان تمكن الطائرات من العثور على قاذفات الصواريخ وتدميرها سريعاً.

 

ويختتم تقرير «نيويورك تايمز» بما قاله الجنرال ديفيد جودلفين في إحدى المقابلات: «في بيئة حيث الصواريخ المتنقلة، يعدّ هذا تحدياً».