المقالات

على طاولة المجلس السياسي.. حان الوقت للمطالبة بشراكة أوروبية في جهود التسوية الأممية

الجديد برس : رأي 

أبوبكر عبدالله 

اختيار الأمم المتحدة للبريطاني مارتن غريفت مبعوثا أمميا لإدارة جهودها المتعثرة في الحل السياسي للأزمة اليمنية، عبَر في أحد جوانبه عن الاستجابة لمطالب المجتمع الدولي بخطوات لتنشيط جهود السلام المتعثرة وتدارك مخاطر وشيكة ليس أقلها انزلاق هذا البلد إلى نفق الانهيار الكامل ونقل ملف أزماته إلى دائرة النسيان كما حصل مع الأزمة الصومالية.
والمواقف التي أعلنتها أمس عواصم أوروبية دعما للخطوة الأممية تدعونا للتعاطي معها كتطور ايجابي ينبغي استثماره بمبادرة يمنية عاجلة يقودها المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني والبرلمان لتقديم مقترحات تطالب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي بدعم صيغة شراكة تتيح للمركز الأوروبي للسلام والتنمية أن يكون شريكا في أي جهود للتسوية تقودها المنظمة الدولية في ملف الأزمة اليمنية أملا في أداء نوعي يتمتع بقدر من التوازن والاستقلالية ويتجاوز أسباب الفشل وحال الانسداد الحاصل في جهود التسوية المتعثرة منذ سنوات.
استنادا لمعطيات كثيرة محلية ودولية يبدو هذا المطلب شرعيا وقابلا للتطبيق وهو يكتسب قوته من سجل إخفاقات حافل في الجهود الأممية لتحقيق السلام، وفي أقل تقدير سوف يفتح الباب لأسئلة ملحة عن الأسباب الخفية وراء فشل جهود الأمم المتحدة بتحقيق السلام والآفاق الخطيرة لإدامة الصراع.
هذا المطلب سيساعدنا على تجاوز مربع انعدام الثقة وسيقود في النهاية إلى توازن في المشهد المهيمن عليه من واشنطن وحلفائها في المنظمة الدولية كما سيتيح فرصا لإشراك أطراف دوليين جدد في إدارة نقاشات ستقود حتما إلى تطوير الرؤى الجاهزة وإنتاج مبادرات بديلة تتجاوز الموانع القائمة.
ما يدعو للتفاؤل بإمكان الوصول إلى هذه الصيغة هو أن المركز الأوروبي للسلام والذي يديره مبعوث الأمم المتحدة الجديد إلى اليمن مارتن غريفت، يعتبر شريكا مستقلا للاتحاد الأوربي وهو المنظمة غير الحكومية الأكبر في العالم التي لها باع طويل في فض النزاعات ومراقبة انتهاكات القوانين الدولية.
يضاف إلى ذلك أن هذا  المركز كان المنظمة الدولية الوحيدة التي سجلت حضورا بارزا  في ملف الأزمة اليمنية على مدى الأعوام الماضية عبر نشاطاته في الوساطة والحوار غير الرسمي من اجل السلام، وآخرها الجولة التي أدارها مارتن غريفت خلال زيارته لليمن نهاية العام الماضي.
يخطئ البعض كثيرا عندما يزعمون أن الأمم المتحدة كانت وحدها السبب في تعثر جهود الحل السياسي واستمرار العدوان في ارتكاب جرائم الحرب اليومية والحصار دون رادع ، لأنه بذلك يدير ظهره لعوامل أساسية في هذه المعادلة تصدرها الداعمون الدوليون لدول العدوان وكانت ولا تزال السبب الأول في عرقلة التسويات وإبقائها في دائرة مقفلة.
هذا الدور كان واضحا في تحركات لوبي الضغوط الدبلوماسية لواشنطن ولندن ودول العدوان في المنظمة الدولية خلال الأيام الماضية وهو أماط اللثام عن دور اللاعبين الدوليين في إنتاج الذرائع ومنح العدوان شهادات الحصانة وهو يمضي اليوم لتكبيل اليمن بالمزيد من القرارات التي لن يكون آخرها مشروع القرار الجديد المقرر عرضه على مجلس الأمن والذي يدعو إلى إدانة إطلاق اليمن الصواريخ الباليستية على السعودية سعيا لانتزاع إجماع دولي يعتبر اليمن ذراعا عسكرية لإيران.
لم يعد اللاعبون الدوليون اليوم قادرين على تسويق ذرائع إعادة “الشرعية” ولا تنظيف السجل الأسود لجرائم العدوان ورهانهم يكمن في عرقلة جهود السلام بفرض القرار الأممي 2216 أساسا قانونيا لأي تسويات سياسية وتحويل العدوان والحصار على اليمن ذريعة في مزاعم مواجهة التهديدات الإيرانية، وهي تكفي لأن يستمر المجتمع الدولي بغض الطرف عن العدوان الهمجي وجرائم الحرب والآثار الكارثية للحصار لسنوات قادمة.
في الوضع الراهن يمكن لصنعاء إحداث تغيير في هذا المشهد ما يجعل المطالبة بشراكة المركز الأوروبي للسلام في الجهود الأممية للحل السلمي خيارا مثاليا لإحداث اختراق ولو جزئي في سياج الحرب الدبلوماسية غير المتكافئة.
وإذا لم تجد هذه المبادرة استجابة فذلك لن يضيف جديدا على المشهد القاتم أصلا، لكنها ستكون كافية  لوضع المجتمع الدولي أمام امتحان الأسئلة الحرجة.