الأخبار المحلية تقارير

التحالف في اليمن… من الغطرسة إلى الخضوع (تقرير)

الجديد برس / تقارير:

 

ضربات قاسية وموجعة يتلقاها التحالف تباعاً في اليمن، ولا مجال للمقارنة بين ما كان عليه من العنجهية والغطرسة في بداية عملياته العسكرية قبل ثماني سنوات، وبين خضوعه وخنوعه الذي وصل حد الفشل الآن، سواء في ما يتعلق بالمفاوضات السياسية مع صنعاء،

التي أجبرته على الإفراج عن اثنتي عشرة سفينة نفطية محتجزة دفعة واحدة، وهو ما لم يحدث منذ بدء الحصار، أو على صعيد المواجهات الميدانية مع قواتها، حيث انهارت كل عنترياته وملاحم البطولات التي اتضح أنها لم تكن سوى أوهام، حاولت تسويقها قنواته الفضائية وشبكاته الإخبارية التي لا تكاد تُحصى لكثرتها، لإقناع حواضنه الشعبية المضحوك عليها، وأتباعه الذين يستخدمهم لتحقيق النسبة الأكبر من أهدافه الحقيقية، بينما نقلت فضائية واحدة تابعة للحوثيين، الواقع من ميدان المواجهة كما هو بدون رتوش ولا مغالطات، لتكشف الفرق الذي جعل قوات التحالف أضحوكة بين جيوش العالم، وباتت القناعة الراسخة لدى الكثيرين الآن هي أن ما بُني على التضليل وتزييف الواقع ينتهي حتماً بالسقوط الفاضح.

 

لجوء التحالف إلى فرض حصار اقتصادي على اليمن، يُعدُّ في حد ذاته اعترافاً بالفشل والهزيمة عسكرياً وسياسياً، إذ ينتفي تماماً جانب السلوك الإنساني الذي كان أبرز شعاراته قبل وأثناء تدخله العسكري، فأي إنسانية يدعيها ويروج لها، وهو يمنع الغذاء والدواء من الوصول إلى الأطفال والمدنيين اليمنيين بشكل عام، تحديداً في مناطق صنعاء، خصوصاً بعد انكشاف طبيعة عمل مراكز ومؤسسات الإغاثة والأعمال الإنسانية، التي تحمل أسماء ملوك وحكام الخليج، وتملأ الدنيا ضجيجاً عبر وسائل الإعلام مروجةً لما تجترحه من مآثر إنسانية، اتضح انها مجرد أسلوب آخر في منظومة تلك الدناءة، إذ تتعمد إهانة اليمنيين بتصويرهم خلال تسلمهم القليل من الأغذية- الفاسدة غالباً- رغم أن حكومات تلك المؤسسات هي المتسبب الرئيس في بؤسهم وعوزهم، ولم يعد أحد غافلاً عن كونها أجهزة استخباراتية تتخذ العمل الإنساني واجهة لتغطية مهماتها التوسعية، لبسط النفوذ على البلاد ومصادرة ثرواتها الكفيلة بالنهوض بها على المستويات كافة، وتوفير كل ما يضمن لأبنائها حياة كريمة مستقرة.

 

الضجة الإعلامية التي سبقت ورافقت عمليات التحالف العسكرية في اليمن، روجت بشكل كثيف عناوين وشعارات كان أهمها استعادة مؤسسات الدولة، وتوفير الأمن والاستقرار، على اعتبار أن الحوثيين صادروا كل ذلك، لكن ما الذي حدث؟.. حدث أن التحالف وجد الفرصة المواتية لتنفيذ ما كان يخطط له منذ زمن، أو بمعنى أكثر وضوحاً ودِقة، ما أوكلت إليه قوى دولية مهمة تنفيذه، فأجهز على مقدرات اليمن وبنيته التحتية، وقصفت طائراته كل المؤسسات الحيوية الخدمية ولم تستثنِ حتى المستشفيات والمدارس، وقتلت مئات الآلاف من الأطفال والنساء والمُسنّين والشباب، داخل منازلهم ومستشفياتهم ومدارسهم ومساجدهم، وفي قاعات الأعراس والمآتم، تتساوى في ذلك المدن والقرى.

 

لكن ماذا عن الشرعية ومؤسسات الدولة في المناطق التي أحكم التحالف سيطرته عليها؟.. لا يزال المواطنون هناك حتى اللحظة في انتظار عودة الدولة ومؤسساتها التي جاء التحالف زاعماً استعادتها، ومثلها الأمن والاستقرار اللذين أصبحا مجرد ذكريات لم يعد الغالبية يتذكرون ملامحهما.

 

في المقابل، استطاع من أطلق عليهم التحالف صفة “الانقلابيين” إدارة شئون البلاد وتوفير الأمن والسكينة وإقامة العدل في كل شبر من المناطق التي تقع تحت سيطرتهم، ولم تفقد أيٌّ من مؤسسات الدولة ممتلكاتها وأصولها وصلاحياتها، عدا ما تم تدميره بغارات طائرات التحالف، وأصبحت سلطات صنعاء أقوى عسكرياً وسياسياً، ولا تزال ماضيةً باتجاه تحقيق الكثير من الإنجازات رغم الحرب والحصار، وفي وقت تتفاوض مع دول التحالف وأدواتها تُصرُّ على التمسك بما وضعته من الشروط، ويأتي في مُقَدَّمِها رفع الحصار وخروج القوات الأجنبية من اليمن، بدون استثناء شبر واحد.

 

في الوقت نفسه، حوّل التحالف المناطق اليمنية التي يسيطر عليها إلى بؤرة للفوضى والفساد الأخلاقي والصراعات البينية القائمة على المناطقية والمذهبية، مستخدماً ممارسات قمعية لا مجال معها للاعتراض على شيء، لتكون المحصلة النهائية تحويل تلك المناطق إلى مراتع للجماعات المتطرفة، وثكنات لقوات أجنبية متعددة الجنسيات، وليس لما أسماها التحالف بالحكومة الشرعية أو المجلس الرئاسي أي فاعلية هناك سوى تمرير مخططات المصادرة للأرض والثروات، ومباركة كل ذلك العبث، وتبادل الاتهامات في من تسبب بوصول البلاد إلى هذا المستوى من الوصاية والاستلاب، وما ظهورهم على وسائل الإعلام أو مواقع التواصل إلا لضمان استمرار تضليل الرأي العام، وحصولهم على الفتات الذي جعلهم رغم ذلك أثرياء وأصحاب استثمارات في عدد من الدول العربية والأجنبية، لكنهم مهما حاولوا الظهور والتمنطق بالألقاب والمناصب لا يتجاوزون واقعهم المخزي الذي يجسدهم كما لو كانوا طائرات ورقية، مهما ارتفعت تظل محكومة بالخيط المربوطة إليه واليد التي تجره.

 

*البوابة الإخبارية اليمنية