الأخبار المحلية تقارير

التحالف يستوعب تهديدات صنعاء.. (تقرير)

الجديد برس / تقارير / إبراهيم القانص:

يبدو أن التحالف بدأ يستوعب الرسائل التي توجهها إليه صنعاء ويتعامل معها بجدية أكثر من أي وقت مضى، ففي السنوات الأولى من حربه على اليمن لم يكن يصغي للتحذيرات، إذ كان يغلب عليه الاستخفاف في التعامل معها، لكنه يبدو اليوم مجبراً على الإصغاء والتصرف بناء على ما يصله من تحذيرات أو تهديدات، فالمعطيات التي يفرزها الواقع تحتم عليه ذلك، بعدما استطاعت صنعاء إحداث فرق غير كل المعادلات، ولم يعد إنكار ذلك أو التقليل من شأنه سوى مناورات بائسة يحاول من خلالها التخفيف من الانحدار الذي أجبر عليه.

بعد أيام قليلة على خطاب رئيس المجلس السياسي الأعلى التابع لسلطات صنعاء، مهدي المشاط، خلال العرض العسكري الكبير الذي نظمته وزارة الدفاع بحكومته في الحديدة، موجهاً تحذيرات ضمنية للتحالف وبثقة كبيرة بشأن احتجاز سفن الوقود للتضييق على اليمنيين، تم الإفراج عن ثماني سفن مشتقات نفطية، وصلت إلى غاطس ميناء الحديدة، بعدما كانت شركة النفط بصنعاء قد اضطرت للعمل بخطة الطوارئ في توزيع المحروقات.

وكان المشاط أوضح في خطابه، أن التلاعب والتهرّب من التزامات الهدنة والعودة إلى احتجاز السفن يعرض الهدنة للخطر، ويجعلها في مهب الريح، في إشارة ضمنية إلى أن تلك الممارسات قد تضطر صنعاء إلى استخدام القوة والتصعيد العسكري، الأمر الذي سيكون مختلفاً عمّا سبق، خصوصاً أن تلك الإشارات جاءت خلال ذلك الاستعراض العسكري في الحديدة، والذي كان له وقع مزعج لدى قوى التحالف، فما تم عرضه لم يكن بالأمر الهيّن، سواء من حيث الكادر البشري أو التصنيع العسكري بأنواعه، ومن تلك الإشارات أنهم فقط يُعَرُّون التحالف أمام اليمنيين لتزداد معرفتهم بزيف ما يدعيه، مؤكداً القناعة التامة الناتجة عن تجربة طويلة بأن الحقوق لا تُعطى بل تؤخذ، لافتاً إلى أن الأيام المقبلة ستكشف ما إذا اضطرت صنعاء إلى انتزاع حقوق الشعب وفق قاعدة “القوة تصنع السلام”، حسب تعبيره، ويؤكد مراقبون أن سلطات صنعاء تسير وفق منظومة قيم ومبادئ لا تزال ترتفع بها إلى مواقع أكثر قوة في كل المجالات.

السفير البريطاني، ريتشارد اوبنهايم، كشف في تغريدة على تويتر سِرَّ موافقة التحالف على دخول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة، موضحاً أنه يعود إلى مخاوف من ردة فعل “الحوثيين”، التي كانت ستسبب كارثة، وفق تعبيره، في إشارة إلى تهديد قوات صنعاء بأنها ستقصف أهدافاً استراتيجية وحيوية في الأراضي السعودية والإماراتية، إذا لم يلتزم التحالف باتفاق الهدنة.

في المقابل، يعكس التحالف التوتر العصبي والنفسي، الذي تسببه له سلطات صنعاء، على أتباعه من قيادات الشرعية، بإنزال صنوف وأنواع الإهانات فوق رؤوسهم المليئة بالولاء والتبعية له، متصيداً لكل منهم عثرةً معينة أو زللاً، صغيراً كان أو كبيراً، مستوجباً أو غير مستوجب، وكان آخر من تلقى إهانة بالغة من التحالف هو العميد هيكل حنتف، قائد اللواء الأول حرس حدود، التابع لقوات الشرعية، الذي أجبرت الاستخبارات السعودية الطائرة التي كانت تقله من سيئون إلى مصر على الهبوط في مطار جدة، وألقت القبض عليه بطريقة مهينة تعرض خلالها للضرب والاقتياد قسراً إلى أحد سجون الاستخبارات، والأكثر إهانةً في ذلك المشهد أن زوجة العميد حنتف كانت برفقته، وتم اقيادها معه إلى السجن نفسه، وحسب مصادر مطلعة فقد تم لاحقاً الإفراج عن الزوجة، وتسليمها إلى شقيقها الذي وصل إلى العاصمة السعودية الرياض قادماً من مدينة مارب، بينما لا يزال حنتف قيد الاعتقال.

وكانت مبررات قيادة التحالف في القبض على حنتف بتلك الطريقة المخزية، أنه كان ينوي مغادرة البلاد بدون أن يبلغها، هروباً من التحقيق عن ما حدث في المحور الشمالي بالجوف، إذ تتهمه قيادة التحالف بأنه باع الأسلحة وتسبب في سقوط منطقة اليتمة وغيرها في يد قوات صنعاء، وليس ذلك سوى نموذج بسيط للطريقة التي يتعامل بها التحالف مع أتباعه، حتى وإن كانت تضحياتهم كبيرة من أجله، وليس أكبر من تفريطهم في سيادة وطنهم وثرواته.