الأخبار المحلية تقارير

عبدالباري عطوان: استراتيجيّة “حوثيّة” جديدة لكسر الحصار.. كيف وما هي الأدلة والسيناريوهات المتوقّعة في الأشهر المُقبلة؟

عبدالباري عطوان: استراتيجيّة “حوثيّة” جديدة لكسر الحصار.. كيف وما هي الأدلة والسيناريوهات المتوقّعة في الأشهر المُقبلة؟

 

الجديد برس / عبدالباري عطوان / رأي اليوم:

 

 

شنّت القوّات المسلّحة اليمنيّة التابعة لتحالف حركة “أنصار الله” الحوثيّة هجمات بالصّواريخ والطّائرات المُسيّرة على أهدافٍ نفطيّة في العُمُق السعودي اليوم “احتفالًا” بدُخول الحرب على اليمن عامَها الثامن الذي يُصادف غدًا السبت، عندما انطلقت طائرات “عاصفة الحزم” لقصف صنعاء ومُدن يمنيّة أخرى تحت عُنوان إعادة “الشرعيّة” التي يُمثّلها الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي يُقيم مُنذ ذلك التّاريخ في أحد فنادق الرياض.

العميد يحيى سريع النّاطق الرسمي باسم هذه القوّات قال في تصريحاتٍ مُصوّرة بثّها اليوم “نفّذنا عمليّة كسْر الحِصار الثالثة بضرباتٍ صاروخيّة باليستيّة ومُجنّحة وسِلاح الجو المُسيّر استهدفت مُنشآت شركة أرامكو النفطيّة في جدّة، ومُنشآت أخرى حيويّة في الرياض، ومصفاة رأس التنورة وأخرى في مدينة رابع، وثالثة ورابعة في كُل من جيزان ونجران الجنوبيّتين.

تكثيف الهجمات الصاروخيّة والمُسيّرة (ثلاث هجمات في أقل من عشرة أيّام) يعكس استراتيجيّة “حوثيّة” جديدة لكسْر الحِصار الذي يفرضه التحالف السعودي الإماراتي على اليمن، ويشمل إغلاق المطارات ووقف شُحنات الوقود، والاحتياجات الصحيّة والمعيشيّة الرئيسيّة التي تهدف إلى مُضاعفة مُعاناة أكثر من 25 مِليون يمني، ومُحاولة لفت انتِباه الرأي العام العالمي ومنظّماته الإنسانيّة لمأساة الشعب اليمني من خِلال هذه الغارات على المُنشآت النفطيّة السعوديّة، ممّا يُؤدّي إلى التّأثير سلبًا على الإمدادات النفطيّة إلى المُستهلكين في العالم الغربي أوّلًا، وزيادة أسعار برميل النفط ثانيًا ممّا ينعكس سلبًا على الاقتِصاد العالمي، ونقل الحرب إلى داخِل بُيوت المُواطنين السعوديين.

 

حرب اليمن كانت خطأً استراتيجيًّا كبيرًا تورّطت في مِصيَدتها المملكة العربيّة السعوديّة، ودفع الشعب اليمني من دمائه وأرواح أبنائه وأطفاله ثمنًا باهظًا (370 ألف قتيلًا حتى الآن وأكثر من مِليون جريح)، وها هي تدخل عامها الثامن، دون أن تنجح هجمات التحالف السعودي في إعادة حُكومة “الشرعيّة” إلى صنعاء، وفرض إملاءاتها على حركة “أنصار الله” وحُلفائها، بل ما حدث هو العكس تمامًا حيث ازدادت هذه الحركة قُوّةً وصلابةً، وباتت تُسيطر قوّاتها على مُعظم مُحافظات الشّمال اليمني باستِثناء مأرب المُحاصرة.

القِيادة السعوديّة الحاليّة التي قرّرت إشعال فتيل هذه الحرب بغاراتٍ جويّة على المُدُن المدنيّة، وقصف سجّادي للأفراح والأسواق العامّة، ومجالس العزاء والمُستشفيات، اعتقدت مُخطئةً أنها ستُنجز المَهمّة في غُضون شهرين أو ثلاثة، الأمر الذي يُؤكّد أنها لا تعرف إلا القليل عن اليمن وتاريخه وجينات شعبه، وإرثه في هزيمة الغُزاة الذي يمتدّ إلى ثمانية آلاف عام على الأقل، فلم يَغْزُ أحد اليمن إلا وانتهى مهزومًا.

مأساة التحالف ربّما تزداد تفاقمًا إذا جرى التوصّل إلى اتّفاق نووي في مُفاوضات فيينا الحاليّة بين إيران والولايات المتحدة على أرضيّة تقديم الولايات المتحدة تنازلات ضخمة أبرزها إخراج الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب، ورفع الحظر عن صادرات إيران النفطيّة، وبرامجها العسكريّة، والاعتِراف بدورها الإقليمي، الأمر الذي سيخدم حُلفاءها ماليًّا وعسكريًّا، في مِنطقة الشّرق الاوسط، وخاصَّةً في اليمن.

 

قصف العاصمة الرياض، ومُدُن كُبرى مِثل جدّة العاصمة الاقتصاديّة، وينبع مركز الصّناعات البتروكيماويّة، وبقيق وخريص مركزي العصب النّفطي السعودي ومصافيه وإنتاجه، هو آخِر ما توقّعته القِيادة السعوديّة، وإذا تكرّرت سابقة الهُجوم الثّاني لكسْر الحِصار التي تمثّلت في شن هجمات صاروخيّة على محطّات التّحلية فإنّ هذا يعني أزمة مياه تُهَدِّد أكثر من 25 مِليون مُواطن سعودي ومُقيم بالعطش.

المُعادلة الجديدة مع دُخول هذه الحرب عامَها الثّامن تقول إن الشعب اليمني لن يُواجه وحده الجُوع ونقص الكهرباء والمِياه وانعِدام أبسط الخدمات المعيشيّة الأساسيّة بينما ينعم نظيره السّعودي بالرفاهيّة والأمن والاستِقرار، ولهذا ستستمر الهجمات الصاروخيّة، وتتوسّع دائِرتها بضم أهدافٍ جديدة.. واللُه أعلم.