الأخبار المحلية تقارير

ثورة 14 اكتوبر من انتفاضات الريف إلى شوارع عدن.. مسيرة اليمنيين ضد الاحتلال مستمرة

الجديد برس| تقرير|
الشعب اليمني، والكثير من الشعوب العربية والإسلامية، والمتابعين والمهتمين والباحثين والمؤرخين من كافة شعوب العالم يدركون أن الاستعمار البريطاني جشم على اليمن” الشطر الجنوبي منه سابقا 129 عاماً ، وكانت عشرات السنوات العجاف وبخاصة من ( العام 1963 تاريخ قيام الثورة -وحتى 1967 يوم الاستقلال الوطني )، ناضل اليمنيين نضالاً دؤوباً ذهب ضحيته المئات من الأبطال الفدائيين من كافة أرجاء اليمن في الشمال والجنوب الذين سطروا بدمائهم تاريخ هذا الجزء من الوطن.
اليوم والشعب اليمني يحتفل بمناسبة العيد الثاني والستين لثورة 14 أكتوبر المجيدة، يجد اليمنيون أنفسهم بمن فيهم مناضلو الثورة في فيض من الأحاسيس الممزوجة بالفرح لانتصار الثورة ضد البغيض المحتل ، يصاحبهم الشعور بالامتنان والاحساس بالفخر الذي لا يتذوقه أحد غير اليمنيين، وهم يشاهدون البذور الأولى لنضالات المناضلين الذين زرعوها في أحشاء الوطن اليمني ، وقد أينعت ثمارها في سبيل إنتصار الثورة ، وحققت الأهداف في مقاومة الاحتلال البريطاني ونيل الاستقلال الوطني في ال30 من نوفمبر 1967.
وإستناداً إلى تلك الحقيقة – حقيقة ثورة 14 أكتوبر 1963 ألتي لم تأتي  اعتباطا ، وإنما كانت ضرورة حتمية تطلبها منطق العصر وتحولاته حينها.. فكان لأبد من النضال والتضحية لبلوغ تلك الغاية، وهو ماعمل على تحقيقه المناضلون الأبطال على الأرض ، ومن خلال الوقائع ، والأحداث ، ومن الأحاديث التى نقرأها ونسمع بها ، ومنها ألتي تحدث بها  عدد من مناضلي الثورة في الفترة 9-11 اكتوبر  2003 ، في ” ندوة الثورة اليمنية -الانطلاقة ، التطور ، آفاق المستقبل ” في جزئها الثالث.. حيث كرس فيها المشاركون اطروحاتهم وأراءهم من خلال أوراق عمل ومداخلات وكلمات وشهادات وكل ما يتعلق بتاريخ الثورة ومسيرة النضال الوطني. نورد منها أو لننقل منها مقتطفات من الحقائق كما رواها عدد من المناضلين المشاركين في الندوة .
. يقول الشيخ عبدالله مطلق صالح -أحد المناضلين ممن واجهوا الاستعمار البريطاني في مختلف جبهات ومناطق اليمن : ” إن الحديث عن الماضي الذي أوجب قيام ثورة 14 من اكتوبر ربما يطول ويتشعب غير أني سأكتفي بذكر بعض تلك المقدمات التي بدأت في فترة الخمسينات ، حيث كانت مليئة بالتحولات والأحداث الثورية ومن أهمها قيام ثورة 23 يوليو في مصر وثورة الجزائر .. وكان لهذه الثورات وغيرها صدى كبير في اليمن، وكان لانتشار راديو الترانزسيتر دوره البالغ الأهمية في نشر الوعي وإلهاب الحماس الوطني، وكانت عدن المستعمرة حينها أكثر تأثراً وتأثيراً في الأحداث وبها حيث كانت تنتشر الصحف والكتب ووسائل الإعلام الأخرى ومن أهمها الراديو الذي له تأثيره البالغ ف إيقاظ الوعي بضرورة وأهمية الثورة والتغيير .
وعندما حدث العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، اشتعلت عدن بالمسيرات والمظاهرات العمالية والطلابية المنددة بالعدوان .. وارتفعت الشعارات ” فلتحيا مصر .. عاش جمال عبد الناصر “.
وكان لذلك الحدث وماتلاه من حركة جماهيرية عفوية ومنظمة دوره في تعميق الحس والوعي  الوطني التحرري.
كان الوعي الوطني والقومي في نهوض وتنام مستمر .. وكان الكل يعبر عن حرصه على الوحدة اليمنية التواقة للوحدة العربية الشاملة .. وفي هذه الأثناء وتحديداً عام 1959 تأسست حركة القوميين العرب التي لعبت دوراً سياسياً وكفاحياً كبيراً تجلى في إشاعة الفكر القومي وتنمية مدارك الأعضاء وكل أبناء الشعب اليمني بأهمية الثورة وتحقيق الوحدة اليمنية وصولاً إلى تحقيق الوحدة العربية.
ويضيف بقولة : ويهمني هنا أن أذكر للتاريخ أن حركة القوميين العرب في القطر اليمني كانت سباقة إلى حشد الشباب والمتطوعين للدفاع عن الثورة والجمهورية، وهي أيضاً في نفس الوقت كانت قد تبنت في وقت مبكر فكرة الكفاح المسلح وسيلة لطرد الإحتلال وتحرير الجنوب”.
* الأستاذ المناضل أبو بكر شفيق قال : إن المساهمة في الإدلاء بالشهادات التاريخية لثورة 14 اكتوبر المجيدة ، ولجبهة عدن إحدى الجبهات والمساحات لأكتوبر الفداء والتضحيات والبذل والإستشهاد، والمآثر اليمانية الرجولية، والخوارق البطولية، وعن المسارات المتعرجة لتلك الثورة، ولما تعرضت له صبغتها الإلهية المحمدية وفطرتها ومشاربها العقائدية الإيمانية في ظل إنتمائها اليمني والعربي والإسلامي ، وما آل إليه بعد ذلك الحال للشطر الجنوبي من الوطن آنذاك “.. ذلك يتوجب منا أن نورد العديد من الحقائق والشواهد منها :
أولاً : إن ثورة 14 أكتوبر المجيدة بكل جبهاتها ، ومن ضمنها جبهة عدن وبكل قيمها المعنوية وموروثاتها وخلفياتها التاريخية إنما هي تتويج لمسلسل من الحركات الجهادية ، والإنتفاضات المسلحة الغاضبة والرافضة الأبية في كل الأرياف في الشطر الجنوبي من اليمن سابقا ً، ونورد ذلك كالتالي :
  • إنتفاضة بن عبدات في حضرموت من سنة 1938،حتى سنة1945 .
  • إنتفاضة ردفان في السنوات 1936م،1937م ،1946م، 1949م، 1954م.
  • إنتفاضة الواحدي سنة 1941م.
  • إنتفاضة حضرموت في السنوات 1944م 1951م ، 1952م ، 1955م 1961م.
  • إنتفاضة بيحان في السنوات 1946م، 1947م.
  • إنتفاضة الصبيحة في سنة 1942م .
  • إنتفاضة الفضلي في السنوات 1945، 1956 ،1957 .
  • إنتفاضة الحواشب في سنة 1950.
  • إنتفاضة دثينة في سنة 1958.
  • إنتفاضة يافع في السنوات 1958 ، 1959.
ثانياً: إن عدن المدينة هي الأخرى ، بالرغم من طبيعتها المدنية وتكوينها البيئي كمساحات سكانية وحضرية صغيرة ومحدودة قابعة بين خلجان بحرية وسلسلة جبال ، إلا أن أعمالاً ومحاولات وفعاليات وملاحم ومآثر ذات صبغة جهادية ووطنية ، ثم سياسية منظمة وفعاليات عمالية وطلابية ونسائية، وتفاعلات تضامنية ومصيرية بفعل التأثر والتأثير يمنياً وعربياً وإسلامياً ، ذلك إلى جانب العمل على التخلص من الإحتلال البريطاني من خلال التواصل مع جهات إسلامية وأخرى دولية ، بدءاً من أول مقاومة ضد نزول القوات البريطانية إلى شاطئ صيرة في عدن المدينة والإلتحام معها.
  14 اكتوبر الثورة والمقدمات :
هنا يتناول الدكتور المناضل حسين علي حسن- الأبعاد والعوامل الأساسية ألتي أسهمت في قيامها وهي بلا شك أبعاد وطنية ، وإقليمية ، ودولية ، فوطنياًُ شكلت المقاومة الوطنية ضد الاستعمار ألتي امتدت على مدى عقود من الزمن ووصلت ذروتها في نهاية الخمسينات وبداية الستينات ألتي كانت تعبر عن رفضها للاستعمار والاحتلال الأجنبي ..وما يمكن قولة أن التجربة الواقعية لنضال الشعب اليمني أثبتت بطلان الادعاءات بأن الثورة هي تصدير خارجي بل إنها وثيقة الارتباط بالأوضاع الداخلية ، وهي نتاج طبيعي للظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية ألتي فرضها الاستعمار البريطاني .. فالتشريعات والقوانين التي أصدرها المحتلون لتقييد الحريات السياسية والنقابية ومنع الإضرابات العمالية في عدن ، كانت تهدف إلى كبح المد الوطني المتنامي في مواجهة الاستعمار ومحاولة فرض الأوضاع القائمة.. ومع ذلك فإن التدابير والإجراءات ألتي وضعها الاستعمار لم تؤثر على مسيرة النضال وقوبلت بتزايد الإضرابات العمالية في عدن في ديسمبر عام 1955 وبلغت ذروتها في مارس عام 1956، وألتي توجت بقيام مؤتمر عدن للنقابات ، وسجلت ولادة الطبقة العمالية اليمنية كقوة سياسية منظمة بدخولها في معترك الحياة السياسية ، واكتسبت الإضرابات اللاحقة طابعاً سياسياً كمظاهرات مايو 1956، إضرابات عام 1958، ضد الانتخابات التشريعية وماتلاها من إضرابات في الأعوام 59، 60 ، 1961، حيث دفعت الاستعمار حينها إلى إصدار. قانون منع الإضرابات في أغسطس عام 1960، وعلى حد وصف البروفيسور” الفرد هاليداي ” :  “ان الحركة النقابية العدنية تعتبر أقوى وأشد الحركات النقابية النضالية في العالم العربي”.
وارتباطا بدور الحركة النقابية والسياسية في عدن، فأن المناطق الريفية كانت تتوالى فيها الإنتفاضات المسلحة ضد الوجود الاستعماري البريطاني كانتفاضات قبائل حضرموت ، والمهرة في عامي 52 ، 1955، وانتفاضات قبائل الضالع وردفان 56 و 1958، وكذلك انتفاضة الربيزي في العوالق العليا ،  والدماني في العواذل وآل غالب بليل ، والمجعلي في دثينة.
 وبتسارع تطور الأحداث وبعد اكتساب الآلاف من المقاتلين من أبناء الجنوب العائدين من الشمال” مهارات قتالية، وعسكرية، وسياسية، وإنجاح ما ما يمكن تسميته بمدرسة سياسية للقبائل الذبن قدموا من مناطق الجنوب إلى صنعاء” .
 وبنتيجة الحوارات والمشاورات ألتي أجرتها حركة القوميين العرب مع بعض التنظيمات والجيوب السياسية السرية والعلنية لتشكيل جبهة وطنية موحدة تعتمد الكفاح المسلح أسلوبا لها ، أعلن في مايو 1963 في صنعاء عن قيام الجبهة القومية ، وأثناء فترة الإعداد السياسي والعسكري للبدء بالثورة وبعودة مجموعة بقيادة الشهيد الوطني راجح بن غالب لبوزة وتأزم الموقف السياسي مع القوات البريطانية وقع الصدام المسلح مع قبائل ردفان في 14 اكتوبر 1963 ، كبداية للثورة الشعبية المسلحة في جنوب اليمن.. وكان لإندلاع ثورة 14 اكتوبر دوراً بالغ الأهمية في المسار اللاحق لحركة التحرر الوطني في الجنوب حيث أحدثت عملية فرز داخلي بين أحزابها،  وتنظيماتها السياسية بين مؤيد ومعارض للثورة المسلحة، الأمر الذي أثر فيما بعد على العلاقات بين اطرافها وفي علاقاتها مع الاستعمار وعلى المستوى الدولي ورغم تعديل بعض التنظيمات لمواقفها في مرحلة لاحقة من الكفاح المسلح إلا أن الهوة ظلت قائمة بينها وانفرد إتحاد الشعب الديمقراطي بقيادة المرحوم عبدالله باذيب بتأييد الكفاح المسلح وقدم دعماً معنوياً وإعلامياً من خلال صحيفة (الأمل)  الناطقة بلسان الحزب ولعبت دوراً بارزاً في كشف المخططات الاستعمارية ، وكسر طوق العزلة الإعلامية ألتي حاول الاستعمار فرضها داخلياً على الثورة.
ومع تنامي الكفاح المسلح برهنت الجبهة القومية على صحة الإستنتاجات التي توصلت إليها قبل إندلاع الثورة في اختيار الكفاح المسلح باعتباره الأسلوب الأمثل والوحيد لمواجهة الإستعمار وتحقيق الإستقلال ،  ورغم التمزق في صفوف الحركة الوطنية خاضت الجبهة القومية مواجهة شرسة مع قوات الإحتلال منذ البدء وعلى إثر الثورة ورغم القسوة التي اتبعتها قوات الإحتلال نجحت في توسيع رقعة عملياتها العسكرية في الريف ، وفتحت جبهات جديدة في الضالع ،  وتلاها الشعيب ، وحالمين ، والحواشب ، والصبيحة ،  يافع الفضلي ،  دثينة العواذل ، وغيرها من مناطق الجنوب وفي غضون عام واحد استطاعت أن تنقل العمل المسلح إلى قلب القاعدة البريطانية عدن كنقلة نوعية في تطوير النضال الوطني التحرري.
 إذاً وبحسب المناضلين الأفاضل ، ومن شارك في النضال من مختلف فئات الشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه ، فأن الكفاح المسلح ضد الاستعمار أتخذ أشكالاً عديدة ، حتى نال الجزء الجنوبي من اليمن استقلاله في 30 نوفمبر 1967.. وفي هذه المناسبة ينبغي ألا ننسى دور المرأة فهي شاركت بفعالية في إمداد الثوار بالطعام  وساعدت بأقصى ما استطاعته في تحرير المناطق اليمنية الريفية وفي المدينة ، وفي حراسة المناطق المحررة ، والبعض حملن السلاح إلى جانب إخوانهن الرجال في المعارك ، وأبرز مثال للمناضلة الردفانية ” دعرة سعيد لعضب” وغيرها الكثير من المناضلات
 من لعبن دوراً مهما كخلايا قيادية ، وكذلك في التنظيم النسائي السري وفي المظاهرات التي كانت تقام .. وكلها مهام ساعدت في نجاح الكفاح المسلح منذ اللحظات الأولى للثورة ضد قوات الاحتلال البريطاني.
المصدر/ عرب جورنال.