الأخبار المحلية تقارير

موقع ميدل إيست آي البريطاني: المقاومة في تعز..لصوص ينهبون المنازل وينشرون الرعب وضحايا يروون حكايات مؤلمة

الجديد برس 

ترجمة: اسماء بجاش : المراسل نت

موقع “ميديل اس أي”البريطاني النسخة الفرنسية:

عائلات أُجبرت على الهروب من منازلها جراء احتدام العمليات القتالية في المناطق الشرقية من محافظة تعز اليمنية، وبالتالي انقض مقاتلي المقاومة الشعبية الذين سيطروا على هذه المناطق على جميع تلك المنازل والممتلكات في الاحياء المحررة، إذ وجدوا فيها فريسة وغنائم سهلة لا يمكن أن تُفوت.

رفض العباس الهويدي ذو 65 عاماً مغادرة منزله الكائن في حي العسكري من محافظة تعز حيث كان الحي على مقربة من الاحياء السكنية التي كانت تصطلي بنيران العمليات القتالية المستعرة منذ ما يقرب من العامان، إذ جمعت هذه العمليات القتالية بين المتمردون الحوثيون ومقاتلي المقاومة الشعبية.

وفي الاخير واصلت العمليات القتالية طريقها حتى طرقت ابواب حي العسكري الذي يسكنه العباس الهويدي في اواخر شهر نوفمبر من العام المنصرم، حينها قرر مغادرة منزله برفقة عائلته المكونة من زوجته وولديهما وزوجاتهم وأطفالهم الخمسة حاملين معهم المجوهرات وأجهزة الكمبيوتر والملابس التي يُسهل حملها.

توجهت العائلة للعيش لدى ابن عمه في بلدة قريبة من محافظة إب القريبة من محافظة تعز، ولكنه لم يتمكن من التوقف عن التفكير بمنزله وجميع المقتنيات التي بداخله التي تركها وراءه.

فالحال والوضع الذي يعيشه هويدي لم يكن مختلف عما كان يعيشه العديد من جيرانه، بيد أن بعض الاسر تركت منازلها في عهدة احد الاشخاص والذي يدعى الحارس سالم” الاسم الحركي” وذلك من أجل الحفاظ على ممتلكاتهم.

تم تحرير حي العسكري في مدينة تعز من قبضة المتمرديين الحوثيين في 17 من نوفمبر 2016 على يد المقاومة الشعبية التي تشكلت في أعقاب هروب الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى المنفى في العام 2015.

وفي وقت لاحق تلقى هويدي اخبار تؤكد كل ما كان يخشى وقوعه، سرد هويدي ما حدث قائلاً: تلقيت اتصالا هاتفيا من الحارس سالم وأخبرني بأن لصوصا قاموا باقتحام المنزل وعملوا على تحطيم الأبواب ولم يسلم شيء منهم فقد عملوا على نهب كل شيء بداخله.

أجهش هويدي بالبكاء وصمت لبضع دقائق ثم أكمل سرد ما حدث، يتساءل هويدي كيف يمكن للأسر تعويض كل شيء ذهب منها، فهو قد اُحيل للتقاعد في حين أن أبناءه عاطلون عن العمل في الوقت الراهن.

ويقول هويدي ايضاً أن الشكوك تراوده حول هوية اللصوص، بيد أنه يفضل عدم الحديث وتوجيه الاتهامات لأي أحد خشية التعرض للانتقام، وقال ” سوف أبعث بدعواتي وصلواتي إلى السماء وسينتقم الله لي من هؤلاء اللصوص، وأضاف قائلا: أنه فقد كل بوادر الامل في تحقيق وعودة السلام في يوماً من الايام إلى اليمن، فانا رجل عجوز ولكني احث أبنائي وأشجعهم على اخذ اطفالهم وترك اليمن إلى أي مكان اخر فاليمن سيظل منطقة تتهاوى عليها النزاعات والصراعات إلى الآبد.

وفي حديث مع مراسل الميدل اس اي، قال سالم أن مقاتلي المقاومة الشعبية هم المسؤولون عن العديد من اعمال السلب والنهب التي يتعرض لها الحي، فقد عمل مقاتلي المقاومة الشعبية على إطلاق القذائف لتمكن من كسر ابواب المنازل ومن ثم يعملون على نهب كل شيء بداخلها.

وأردف حديثه بأنه حاول أقناع مقاتلي المقاومة بعدم دخول المنزل الذي يعمل على حراسته متحججا بأن النساء والأطفال لا يزالون في الداخل، ولهذا لم يتمكن من الإفصاح عن اسمه الحقيقي وذلك خوفا على سلامته.

يرى سالم أنه من الصعب جدا أن يثق باين من الفصيلين المتحاربين -الحوثيون والمقاومة الشعبية- فمن سيقبض قبضته على المدينة لن يهتم لآمر المدنيين ولن يعرهم أدني اهتمامه.

لم يكن هذا الحال مقتصراً على سكان حي العسكري فحسب، فسائر سكان المناطق الشرقية من المدينة والتي اصبحت تحت سيطرة مقاتلي المقاومة الشعبية يشكون سوء حالهم، فقد تعرضت ممتلكاتهم لعمليات سلب ونهب، فهم لن يستطيعوا استعادة ممتلكاتهم التي فقدوها بالرغم من معرفتهم بأماكن تواجدها.

نافل علي، أحد سكان حي صالة في مدينة تعز، هرب هو الآخر بمعية عائلته مطلع الشهر الماضي تاركاً سيارته خلفه لان جميع المنافذ قد اغلقت جراء احتدام العمليات القتالية.

اشار نافل علي إلى أن الحال الذي وصلت اليه عائلته لا يختلف عن الحال الذي وصلت اليه العديد من العائلات الاخرى، حيث أنه ترك منزله بجميع محتوياته كما ترك سيارته في فناء المنزل، الا انه وكما جرت العادة، أقدم لصوص في المدينة على اقتحام المنزل ونهبوا كل ما بداخله.

علم نافل على فيما بعد بالمكان الذي نُقلت اليه سيارته ولكنه لا يستطيع استعادتها، فقد ذهب إلى المكان الذي تتواجد فيه السيارة باحثاً عنها وفي المقابل قيل له أنها بحوزة أحد مقاتلي جماعة الحوثي، ولكن عندما اظهر لهم الاوراق الخاصة بسيارته تم اتهامه بأنه مؤيد للحوثيين ولتجنب المشاكل ترك السيارة لهم وعاد أدراجه.

اللصوص هم افراد من المقاومة:

اقر قادة المقاومة في مدينة تعز بان اعمال النهب وسلب التي تعرضت لها المناطق المحررة باتت مشكلة.

فهم لا يستطيعون توفير الحماية اللازمة لجميع المنازل حيث وأن مقاتلي المقاومة الأكثر ثقة مازالوا مشغولين في ساحات القتال.

ومن جانبه صرح نائل الاديمي أحد زعماء المقاومة في مدينة تعز إلى “ميدل اس اي” أنه من الشائع أن يأتي بعض المقاتلين إلى المناطق المحررة من أجل نهب منازل المدنيين، كما أنه من المحتمل أن يكون هؤلاء المقاتلين منتمين للمقاومة ولكنهم ليسوا في الخطوط الأمامية، وفي الأصل هم لصوص.

في الوقت الحالي لا يمكننا تعقب هؤلاء اللصوص نظراً لانشغالنا التام في تحرير وتطهير المدينة، ولكن التحقيقات جارية وسوف يلقى هؤلاء اللصوص جزاءهم الرادع عقب تحرير المحافظة بأكملها.

كما نوه إلى انه في حال البدء بتعقُب ومعاقبة بعض افراد المقاومة فهذا سيُعيق ويعرقل التقدم الذي احرزته المقاومة في الحرب التي مازالت فصولها تروى حتى الان، فنحن نفضل في الوقت الحاضر عدم إثارة الصراعات والانقسامات داخل المقاومة.

تمكن الحوثيون من اسقاط العديد من المناطق في محافظة تعز في إبريل من العام 2015، ولكن العديد من سكان تلك المناطق اختاروا مواصلة العيش فيها ناهيك عن السلمية التي ابدتها قوات الاحتلال في التعامل معهم إلى حد كبير.

ومع ذلك، فان العديد من السكان الذين أجبروا على الرحيل بسبب احتدام العمليات القتالية التي دارت مؤخراً، لا يمكنهم أو لا يريدون العودة إلى ديارهم الآن بالرغم من أن الامور الآن قد آلت إلى يد المقاومة.

يرى سالم من وجهة نظره أن حالة من عدم الرضا تزداد داخل أوساط المدنيين ضد المقاومة، كما انها قد تزداد في حال فشلت الثانية في توفير الحد الادنى من الامن واتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة ضد هؤلاء اللصوص.

“فنحن نعيش في المناطق الواقعة تحت سيطرة المقاومة، وبالتالي فإن المقاومة هي “المسئول الأول على حمايتنا، كما يجب عليها توفير الحماية لبيوتنا وتسيير أعمالنا حتى وان كان اللصوص ليسوا أعضاء في فيها.

الخوف من المقاومة:

انتشرت حالة من الذعر إثر امتداد عمليات نهب وسلب أيضا إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في مدينة تعز، حيث قال بعض سكان هذه المناطق انهم يعتبرون مقاتلي جماعة الحوثي بمثابة الدرع الحامي لهم.

أنس السامعي، واحد من سكان حي الحوبان في مدينة تعز، قال إنه لا يريد أن يرى المنطقة وقد أصبحت منطقة نزاع أو أن تصبح تحت سيطرة المقاومة، ففي الوقت الذي تمكن فيه الحوثيون من احتلال الحوبان في مارس من العام 2015، لم يعملوا على نهب منازلنا، ولكن في حال تمكنت المقاومة من تحرريها فان مقاتليها لن يتواروا عن نهب وتدمير المنازل، فنحن ندعم الحل السياسي في هذه الحرب، كما نأمل أن توقف المقاومة الاعمال القتالية بينما تعمل الاطراف المتحاورة على التفاوض لإيجاد حل سلمي.

وتستمر الحياة اليومية بالرغم من الحرب، ففي العديد من المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيون لازالت الحياة تدب في المدارس، مكاتب الشرطة، المستشفيات والمرافق الصحية، المحاكم والمؤسسات العامة الاخرى، فجميعها تعمل بصورة اعتيادية وهو ما يثير بواعث قلق أخرى إزاء تقدمت المقاومة.

يعيش انس السامعي في منزلا بالإيجار حيث يعمل ميكانيكي في حي الحوبان، فهو ليس مستعد لان يخسر عمله وممتلكاته نتيجة تحرير المنطقة، فالحرب تلقي بضلالها على المدنيين، كما انه لا يحب جميع المتحاربين.

يستعد اخرون لمغادرة الحوبان، حاملين معهم أمتعتهم ليجدوا ملاذا آمناً في أي مكان آخر، إذ قرر تميم فاضل ذو 35 عاما والذي يعمل سائق حافلة في منطقة الحوبان مغادرة المنطقة مع اسرته بعد أن سمع العديد من قصص نهب ممتلكات المدنيين في المناطق المحررة والتي تخضع لسيطرة المقاومة الشعبية، حيث قال انه ليس بالأبله لينتظر وصول اللصوص اليه، فانا ذاهبا إلى مدينة إب برفقة عائلتي وسوف أستمر بعملي كسائق حافلة فالوضع لن يختلف عني البتة هنا او هناك، فالعودة إلى مدنية تعز قبل انتهاء الحرب أمر مرفوض، فانا لا اريد ان اعرض عائلتي للخطر.

بيع المنهوبات:

في الوقت الذي ارتفعت فيه اسعار معظم السلع والمواد الاساسية جراء اندلاع الحرب، انخفضت اسعار الاثاث والعديد من المواد المستخدمة بشكل حاد.

ففي مدينة تعز القديمة تجد سوقا يعرض العديد من الاشياء والأثاث المستخدمة تباع بأقل الاسعار، منها ما يباع بنصف سعرها الاصلي: أجهزة التلفاز، الغسالات، الطاولات، الأرائك وجميع أنواع الأثاث، حيث اضطرت بعض الأسر لبيع ممتلكاتهم وذلك لأسباب اقتصادية، من المحتمل أن معظم هذه الأشياء قد تكون عرضه للنهب.

أحمد المقدام صاحب متجر للأثاث في مدينة تعز أكد أن بعض المقاتلين قد عرضوا عليه شراء بعض المواد المستخدمة بأقل من نصف قيمتها ولكنه رفض شرائها، فمعظم متاجر ومخازن بيع الاثاث تعج بمخزونها، كما انهم توقفوا عن العديد من عمليات الاستيراد.

فالأسواق مليئة بالأثاث المستعمل بسبب الحرب وعمليات الشراء أصبحت شبة معدومة، فالأغلب يشترون الاشياء المستخدمة كونها ذات تكلفة اقل.