المقالات

الحقيقة لا تتجزأ

الجديد برس : مقالات واراء

كتب / د. جمال محمد الشهاري

لا أحد يتصور حجم الخزي والعار المُذِلَين الذين يعيشهما العدوان الأمريكي السعودي وتحالفه الإجرامي، وقد ظهر ذلك جليا في التخبط الذي يعاني منه أرباب هذا العدوان وقادته، وعلى الرغم من الجهود الكبيرة والإمكانات الهائلة لستر عوار ذلك الخزي والعار، وردم مستنقعه، إلاّ أن الخرق اتسع، ومستنقع الهزيمة والمهانة طفح، فانكشفت سوأته، وبان عواره، وطفح وفاض خزيه ومذلته، وقد تجلى ذلك في صراخ مملكة بني سعود في المحافل الدولية، والمحاولات المستميتة للخروج بتسويات توفر ولو بالحد الأدنى سترا وغطاء لمستنقع فاض وطفح بقبيح الفشل، ونُكر الهزيمة.
 
ها هو قرن الشيطان وأنفه يُمرغان في وحل الهزيمة والعار، برغم ما أنفقه تحالف العدوان من تلال من القوة والأموال وجبال من الأسلحة والعتاد، ولكن لا عاصم من أمر الله فها هي تلك الجبال والتلال تغرق في طوفان الحق الذي لا يُعصَمُ منه إلا من اعتصم بالله وتوكل عليه ووثق به دون سواه، وها هو تحالف الشر والعدوان يسقط سقوطا مدويا من ثريا الكبر والخيلاء والغطرسة إلى ثرى الهزيمة والخزي والعار المهين.
وها هو مندوب بني سعود ينعق مستصرخا عطف ورأفة ومؤازرة المجتمع الدولي إزاء ما أسماه العدوان والتدمير لبلاده، وما لبثت دولته قرن الشيطان ان استصرخت شيطانها الأكبر أمريكا وحلفاؤه بريطانيا وفرنسا لاستصدار قرار ملزم بما يسمى بـ “تجزئة الحل” للحرب الدائرة في اليمن على حد وصفهم والذي أوقفته روسيا مشكورة في مجلس الأمن.
 
طبعاً كان من المفترض ومن الطبيعي أن ترفض بلادنا ذلك القرار صدر أم لم يصدر، فتجزئة الحل ليس سببه إلاّ عواء كلاب بني سعود المسعورة، بعد أن أوجعتهم ضربات رجال الله في ميادين العزة والكرامة، وبعد أن سقطت حصونهم التي ظنوها مانعتهم من الله داخل عمق دولتهم، وبعد أن سقط جنودهم بالمئات، ودمر عتادهم، ووجدوا من الله بأسا لا يرد عن القوم المجرمين.
ماذا يعني تجزئة الحل إلى قسمين يكون أوله وقف العمليات العسكرية، ثم بعد ذلك يستمر الحصار وتستمر المفاوضات إلى ما لا نهاية؟ إنه ليس له إلى معنىً واحد، وهو أن بني سعود علا صراخهم وعويلهم، ويريدون أن يقف توغل رجال الله في أراضيهم، وألا تصل النارُ التي أشعلوها إلى دورهم وأبوابهم، فيكتوون بلهيبها، فتنهار دولتهم، وتُستأصل شأفتهم. لقد حرص بنوسعود منذ البداية على أن تكون الحرب في إطار الداخل اليمني وأن تستمر هذه الحرب عبر تجنيد المنافقين من الخونة المرتزقة، عملا بالمثل القائل “الحجر من القاع والدم من راس القبيلي”، لكن كل ذلك المكر والكيد انقلب عليهم، فتوغل رجال الله في عمق أراضيهم وأثخنوهم قتلا وفتكا وتنكيلا، فسارع بنو سعود يستصرخون مجلس الأمن لإصدار قرار تجزئة الحل، والذي هو ليس إلا قرارا بمنع توغل رجال الله في العمق السعودي، ثم ليبقَ الحصار والمفاوضات إلى يوم القيامة !!
 
من الخزي والمهانة أيضا أن يظن بنو سعود أن مجلس الأمن وكل المنظمات الدولية ستنقذهم من ورطتهم، وستخرجهم من حفرتهم التي وقعوا فيها بعد أن حفروها بأيديهم، فاليمن أرضا وإنسانا وحضارة بإيمانه وتوكله على الله وحده، وبإيمانه بمظلوميته وعدالة قضيته، وبجهاده الذي باركه الله بنصره وتأييده، قد أخرج مجلس الأمن وكل المنظمات خارج كل الحسابات، وجعل من هذا المجلس وكل المنظمات الدولية المنافقة أضحوكة العالم، فما الذي سيفعله مجلس الأمن إن أصدر قرارا ولم يلتزم به اليمن وأهله؟ هل سيشنون عليه الحرب؟ أو ليس هذا العدوان شاركت قادته أمريكا وشاركت فيه بريطانيا وإسرائيل وغيرهما وبكل قوة؟ إذًا ما الجديد بعد الهزيمة والفشل الذريع؟ وتلك هي الحقيقة المرة التي يتجرعها أرباب العدوان ومن يمثله في مجلس الأمن وغيره، وأن صدور أي قرار جديد لن يكون إلاّ فشلا جديدا وهزيمة أخرى تضاف إلى رصيد هذا التحالف من الفشل والخزي والهزائم.
تلك هي الحقيقة الساطعة، وسواء أوقفت روسيا القرار أم سمحت بصدوره، فرجال الله في ساحات الوغى لا يعنيهم ما يدور في تلك المحافل التي يخشاها المنافقون ويحتقرها المؤمنون، واليمن أرضا وإنسانا يصنع بسواعد أبنائه تاريخه ومجده، وليجتمع مجلس الأمن ألف مرة، وليصدر ألف قرار لتجزئة الحل والحلول، فالواقع على الأرض يصنعه الرجال والحقيقة لا تتجزأ.