السعودية والإمارات جنوب اليمن: من تحالف إلى صراع بتخطيط أمريكي للسيطرة على الثروات والممرات الحيوية
5:30 م - 2025-09-22
52 المشاهدات
الجديد برس| تقرير خاص|
يشهد جنوب اليمن توترات غير مسبوقة تعكس صراع نفوذ محتدم بين السعودية والإمارات، حيث تحولت الشراكة السابقة في إطار التحالف إلى ساحة مواجهة مفتوحة متعددة الأبعاد، تمتد من السياسة والعسكر إلى الاقتصاد والموارد الحيوية.
في خضم هذا التصعيد، برزت قرارات رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، المدعوم من أبوظبي، بتعيين نواب وزراء ومحافظين وتهديده بإعلان حالة الطوارئ، كخطوة استراتيجية لا تستهدف الداخل الجنوبي فقط، بل توجّه رسالة مباشرة إلى الرياض. هذه التحركات عكست انتقال الصراع من الميدان العسكري إلى معركة على المؤسسات المالية والموانئ والمصادر الطبيعية.
الإمارات من جانبها صعّدت نفوذها عبر دعم المجلس الانتقالي لترسيخ سيطرتها على الممرات البحرية والموارد النفطية والغازية، مستغلة القرارات الأخيرة للزبيدي كورقة ضغط لإبراز حضورها الاستراتيجي في مواجهة الرياض، في حين تُظهر التحليلات أن أبوظبي تسعى لضمان وصول مباشر إلى المحيط الهندي وتعزيز موقعها الإقليمي دون الدخول في مواجهة مفتوحة قد تهدد مصالحها طويلة الأمد.
في المقابل، ردت السعودية باستراتيجية مزدوجة جمعت بين القوة العسكرية والتحركات السياسية، فدفعت بمسؤولي المجلس الرئاسي إلى عدن، وعززت انتشار ما يسمى بـ قوات “درع الوطن” في محافظات حيوية مثل حضرموت ولحج والمهرة. هذه الإجراءات لم تكن مجرد تعزيز ميداني، بل هدفت إلى ربط القوات بقيادة رشاد العليمي لمنحها غطاءً سياسيًا يواجه نفوذ المجلس الانتقالي، ويضمن للرياض الحفاظ على مكاسبها في الموانئ والموارد.
اقتصاديًا، اتخذت الرياض إجراءات حاسمة عبر حكومة عدن، تمثلت في وقف شبكات الصرافة المرتبطة بالإمارات وإلزام المؤسسات بتحويل عائداتها إلى البنك المركزي، في محاولة لتجفيف منابع القوة المالية للمجلس الانتقالي. خطوة اعتبرتها أبوظبي استهدافًا مباشرًا لمصالحها، فيما قرأتها الصحافة على أنها ضربة سعودية لكبح نفوذ اقتصادي ترسخ لسنوات.
هذا التنافس الذي بدأ بتحالف مشترك عام 2015، تحول اليوم إلى مواجهة استراتيجية شاملة، تعكس تباينات واضحة بين أولويات الرياض وأبوظبي. فبينما تركز السعودية على السيطرة السياسية عبر المجلس الرئاسي وبرامج اقتصادية داعمة لشرعيتها، تسعى الإمارات لتكريس حضورها الميداني عبر المجلس الانتقالي والتحكم بالموارد والموانئ، بالشراكة الخفية مع الاحتلال الإسرائيلي للتحكم بهذه الممرات وإيقاف عمليات قوات صنعاء المساندة لغزة في البحر الأحمر وباب المندب والعربي.
ويرى محللون أن هذا الصراع يتجاوز حدود اليمن ليشكل امتدادًا لخلافات أوسع بين محمد بن سلمان ومحمد بن زايد حول أولويات النفوذ الإقليمي. وهو ما جعل جنوب اليمن ساحة اختبار إقليمي ودولي، وسط تخطيط ومراقبة لصيقة من الولايات المتحدة وربيبتها “إسرائيل” للسيطرة على أهم الممرات البحرية والمواقع الاستراتيجية في البحر الأحمر والبحر العربي وباب المندب.
وبذلك، لم يعد المشهد الجنوبي يعكس مجرد تنافس تكتيكي بين دولتين حليفتين سابقًا، بل صراعًا استراتيجيًا متعدد الأبعاد يعيد رسم خرائط النفوذ الإقليمي والدولي الذي تسعى الولايات المتحدة الأمريكية من خلاله إلى تنفيذ المشروع الإسرائيلي في احتلال دول المنطقة والسيطرة عليها بشكل كامل.