تقرير حقوقي: الاحتلال تعمّد ارتكاب إبادة جماعية تستهدف الوجود الفلسطيني في غزة
7:20 م - 2025-08-28
14 المشاهدات
الجديد برس|
أصدر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، اليوم الخميس، تقريراً بعنوان “أصوات من الإبادة الجماعية”، يُسلّط الضوء على الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة المرتكبة بحق المدنيين في قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، والتي تشكّل بمجموعها أفعالًا ترقى إلى جريمة الإبادة الجماعية بموجب أحكام القانون الدولي.
وقال المركز: إن التقرير لا يُقدّم هذه الجرائم كوقائع معزولة، بل يضعها في سياقها التاريخي والسياسي الأوسع، بوصفها امتدادًا لمنظومة استعمار استيطاني تمارسها دولة الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين منذ أكثر من 75 عامًا، في إنكار ممنهج للحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حقه في تقرير المصير، وفي إطار سياسة متواصلة تهدف إلى اقتلاعه من أرضه ومنع وجوده الوطني.
ووصف راجي الصوراني، مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، جرائم الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة قائلاً: “منذ اللحظة الأولى للعدوان على قطاع غزة، كان جلياً لنا كمدافعين عن حقوق الإنسان وكشهود عيان بأننا نتعرض لإبادة جماعية”.
وبين أن طبيعة الهجمات بالقصف الجوي لأحياء سكنية والمرافق المدنية الحيوية، والقتل والتدمير واسع النطاق والتهجير وتجويع المدنيين، مقروناً بالتصريحات الأولى لقادة الاحتلال السياسيين والعسكريين، كل ذلك كان في إطار حملة إبادة جماعية تستهدف كل قطاع غزة.
وشدد على أن الفلسفة الأساسية لاتفاقية منع جريمة الإبادة والمعاقبة عليها تتمثل في التدخل الفوري لمنعها قبل حدوثها، ومن العار على العالم المتحضر أن يقف عاجزاً أو متواطئاً أو داعماً للاحتلال الإسرائيلي في الاستمرار باقتراف هذه الجريمة على امتداد أكثر من 21 شهراً.”
ويعتمد التقرير على قاعدة واسعة من المعلومات الأولية، استُخلصت من جمع إفادات مباشرة من أكثر من 1200 من الضحايا والناجين، بالإضافة إلى بيانات مستمدة من مصادر موثوقة مفتوحة، بما في ذلك تقارير صادرة عن هيئات محلية ودولية، ومنشورات على وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي.
وذكر أن عملية التوثيق واجهت تحديات جسيمة نتيجة الانهيار شبه الكامل للبنية التحتية، والانقطاع المتكرر في شبكات الاتصال، والظروف الأمنية شديدة الخطورة التي تعيق الوصول إلى الضحايا والمناطق المتضررة. كما أسفرت عمليات القصف الواسعة والعشوائية التي استهدفت المدنيين عن استشهاد ثلاثة من موظفي المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان مع أفراد من عائلاتهم.
كما يُقدِّم التقرير توثيقًا لأهم التصريحات الرسمية والقرارات السياسية والعسكرية الصادرة عن المسؤولين الإسرائيليين، والتي تعكس النية الواضحة لارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد السكان الفلسطينيين في قطاع غزة.
ويستند التحليل القانوني الوارد في التقرير إلى أحكام اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، مع تركيز خاص على تفسير المادة الثانية، بفقراتها (أ)، (ب)، (ج)، و(د).
ووفق التقرير؛ أُجري التحليل من فريق متخصص من الخبراء القانونيين الفلسطينيين والدوليين، ذوي الخبرة الواسعة في توثيق وتكييف الجرائم الدولية، حيث فحصوا بدقة ممارسات قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة بهدف التحقق مما إذا كانت تلك الأفعال ترقى إلى مستوى جريمة الإبادة الجماعية، وما إذا كانت قد ارتُكبت بنيّة متعمدة.
ويخلص التقرير إلى أن السلوك الذي تنتهجه إسرائيل، عبر أجهزتها الرسمية، ومن خلال الأفراد والكيانات التي تعمل تحت إشرافها أو بتوجيه منها أو ضمن نطاق سيطرتها أو تأثيرها، يُشكّل جريمة إبادة جماعية بحق السكان الفلسطينيين في قطاع غزة.
فعلى مدار خمسة عشر شهرًا، ارتكبت السلطات الإسرائيلية أفعالًا محظورة بموجب المادة الثانية (أ) و(ب) و(ج) و(د) من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، وهي: القتل العمد، والتسبب في أذى جسدي أو نفسي جسيم، وفرض ظروف معيشية يُقصد بها التدمير المادي الكلي أو الجزئي للجماعة، وفرض تدابير تهدف إلى منع الإنجاب داخلها. وقد نُفِّذت هذه الأفعال بقصد مُحدد يستهدف تدمير السكان الفلسطينيين بصفتهم جماعة محمية بموجب القانون الدولي.
وطالب المركز الحقوقي بتحرك دولي عاجل، يشمل إحالة هذه الجرائم الموثقة إلى الهيئات القضائية الدولية المختصة، تأكيدًا لمبدأ عدم الإفلات من العقاب وحماية المدنيين الفلسطينيين من الاستهداف المستمر.
وشدد على ضرورة تعزيز آليات المساءلة القانونية الدولية، ورفع الوعي العالمي بخطورة الانتهاكات، والدعوة إلى وقف فوري للجرائم المستمرة التي ترتكب بحق سكان قطاع غزة، والتي تكشف عن نية واضحة للإبادة على أساس الهوية القومية.