المقالات

أنصار الله … ليسوا جماعة مسلحة

الجديد برس : رأي

منى صفوان

في بلد مسلح تاريخيا، يعد السلاح جزء من هويته، وثقافته، فان الحديث عن وجود جماعة مسلحة يصح في مجتمع لم يحمل فيه السلاح، فتكون هذه الجماعة هي المختلفة والمسلحة
اما في اليمن فان حمل السلاح الخفيف، والمتوسط والثقيل فهو ثقافة عامة، وان ما تملكه القبائل اليمنية من اسلحة كان دائما يضاهي اسلحة الجيش الرسمي.

لذا يجدر القول ان اليمن هو بلد القبائل المسلحة ، والجيوش الشعبية، من قبل ظهور جماعة أنصار الله الحوثية باسلحتها.

جماعة ثورية
جماعة انصار الله ليست اذا جماعة مسلحة ، بل هي جماعة فكرية، ثورية ، أنها الموجة الثانية من الثورة التي بدات منذ منتصف القرن الماضي ، لكن بشكلها القبلي المسلح.

لقد فعلت بالقوة ، ما حاولنا فعله سلميا منذ عقود، واستخدمت السلاح لأحداث التغيير العام، بعد ان كان السلاح الشعبي بيد القبائل للثأر ، وللحفاظ على المكاسب الشخصية.

– كنا ضد النظام المركزي لصالح ، فجاء الحوثييون وهمشوا نظام صالح، وفتتوا حزبه ، ثم قتلوه.

-كنا ضد الجماعات السلفية والمعاهد العلمية المتطرفة والمساجد التحريضية، فجاء الحوثيون وفجروها وحاروبها وطردوا من فيها من طلاب ومقاتلين يمنيين واجانب.

-كنا ضد تسلط شيوخ حاشد من ال الأحمر ، فحاربهم الحوثيون واخرجوهم من اليمن، وانهوا سلطتهم القبلية المركزية لصالح سلطات قبلية جديدة.

-كنا ضد إرهاب علي محسن الأحمر وحروبه الدموية في اليمن، فقاتله الحوثيون وقتلوا رجاله، واستولوا على معسكراته،واخرجوه بكل جبروته هاربا ذليلا من صنعاء.

-كنا ضد الأجندة الخارجية التي تفرض على منظمات المجتمع المدني، فجاء الحوثيون واغلقوا هذه المنظمات.

-ضد التحريض الإعلامي الحزبي..فاغلقوا الصحف والقنوات.

-وكنا وهو الاهم ضد الوصاية السعودية على اليمن، التي حولت بلدنا لحديقة خلفية لها، فاشعلوها حربا، كبيرة في المنطقة ، ترد على السعودية، وتخترق لاول مرة حدودها لتكون أول حرب يمنية معها منذ إعلان الجمهورية.

باختصار كل ما ناضلنا من اجله سلميا خلال 4 عقود.. فعله الحوثيون بالقوة خلال 4 سنوات، وحتى ان كنت ضد التغيير الرديكالي فان هذا ما حدث، انه يشبه الثورة الفرنسية ، والثورة البلشفية في روسيا ، وهما ثورتان عنيفتنان غيرتا من شكل العالم.
حيث خلقت الثورة الفرنسية العظيمة وعيا حقوقيا ،برغم قسوتها ودمويتها، الا انها كانت السبب باعلان وثيقة حقوق الإنسان العالمية ، اما ثورة الرفاق الروس الشيوعية في روسيا ضد القيصر فكانت لا تقل دموية ووحشية عن الثورة الفرنسية، ولكنها خلقت النظام الشيوعي الذي وقف بوجه الامبريالية الغربية الأمريكية وادى الى إحداث توازن قوى في العالم، استفادت منه شعوب ودول العالم الثالث خاصة في الشرق الاوسط، وهنا نسأل لماذا كانت الثورتان الفرنسية والروسية ملهمتان برغم دمويتهما؟

وفي اليمن تاريخيا لا ينتصر الا منطق القوة، وفي التاريخ العربي والاسلامي كانت ثورة الحسين ملهمة في الثقافة والفكر السياسي المعاصر
وهناك فرق بين القوة والعنف، فقد عشنا تاريخا دمويا من العنف ، الذي عمل على إضعاف البلد وافقاره، لكن القوة شيء آخر.

وسواء كنت مع او ضد، فإن هذا هو ما حدث وهذه هي حركة التاريخ. وعادة حركة التاريخ دائرية، وهذا يعني ان امجاد الماضي يمكن ان تعود.
اننا امام جماعة ثورية، رديكالية، تريد التغيير ، وتقدر عليه، ولديها ارث فكري ، تستند عليه، انها ليست جماعة عنف فوضوية، بل جماعة قوة، بعقل جمعي تدرك وتخطط لما تفعل، ولديها خطط ثورية أخرى بشأن المستقبل وشكل المنطقة ،وحين تندلع ثورات من هذا النوع فإنها تصنع تغييرا عنيفا.. يؤثر على مجريات الاحداث في المستقبل.

اما رأيي الشخصي ، طالما كنت نصيرة التغيير السلمي، برغم اعجابي بنمط جيفارا وثورات امريكا اللاتينية، والكفاح المسلح في فلسطين ، وفي بلداننا العربية، اني اقف أمام حركة ثورية من هذا النوع، لاسئل وأعيد قراتها.