المقالات

امريكا.. والسقوط من عرش الهيمنة العالمية

الجديد برس : رأي

زين العابدين عثمان

بالكاد وصلت الولايات المتحدة الامريكية عرش القوة العظمى التي تتحكم وتهيمن بدول العالم في جميع الاصعدة عسكريا وسياسيا اقتصاديا وتسيرها تحت وطأة سياسات حمامات الدم وسياط حروب مدمرة في فلك استراتيجيتها《امريكا تأمر وباقي العالم ينفذ》، سلطة حكم اوحد للعالم بالاستبداد والاستكبار تفرض ما تشاء وتنسف ماتشاء وتغير من تشااء، ..
 
اليوم ومع مرور عقود من الزمن على التموضع على عرش امارة العالم والحكم بلغة القوة والحديد والنار على الشعوب والامم ،، “امبراطورية الدم والاشلاء الامريكية” اليوم لم تعد هي هي تلك التي كانت في سابق عهدها فقد تلقى عرش هيمنة القطب الواحد التي تتربع عليه لضربات زلزالية نتجت بفعل انفجار الاحتقان الجيواستراتيجي لقوى الممانعة التي كانت نار متوقدة تحت الرماد وتحت قبة ضغط الهيمنة الامريكية الاستكبارية، فمن دول شرق اسيا روسيا والصين وكوريا الشمالية الى القوى الشرق اوسطية محور المقاومة ايران وسوريا واليمن والعراق ولبنان ودول في القارة الامريكية الجنوبية وعلى رأسها “دولة فنزويلا البوليفارية” جميعها انتجت الانفجار الذي هز عرش امريكا وافقدها التوازن الاستراتيجي الامني والاقتصادي والسياسي و حرب افغانستان والعراق عام 2001 كان لها ارتدادا اخر دفع بامريكا ليس للاهتزاز فقط بل نحو هاوية السقوط من عرش الهيمنة الدولية الذي بدأت معالمه تضع الخطوط العريضه بعد تلقيها هزيمة ساحقة و خسائر كبرى وصلت ل7 ترليونات دولار دون اي نتائج .
 
“امريكا ترامب” 2019 السقوط مستمر والتراجع والانكماش الاستراتيجي لازال مستمر ايضا ولكن بشكل اسرع، -ومحور اعداء امريكا الاسيويين روسيا الصين كوريا الشمالية اليوم اكثر نضجا وقوة واقتدار ليس للخروج من تحت الارادة الامريكية بل على انتزاع رداء الهيمنة والحكم الاحادي من امريكا خصوصا بعد هزائمها المتكررة في حروبها الاقتصادية امام ايران وبعد ان هشمت مشاريعها الاستعمارية في سوريا والعراق واليمن ولبنان عسكريا والتي استبدلت بعودة شبح محور المقاومة الشرق اوسطي الذي يزداد تفوقا وقوة مع مرور الوقت .
 
وعليه فامريكا اليوم تعاني اكثر من اي وقت من فرط نزيف رصيدها الاستراتيجي والامني وتداعي هيمنتها ليس في القارة الاسيوية بل في الشرق الاوسط وهذه الحقيقة ، فهزائمها المتكررة وتحطم استراتيجاتها امام ايران روسيا والصين ومحور المقاومة وقائمة طويلة من اعداءها جعلتها تتراجع وتبدأ بالانكماش التدريجي وتفقد ثقلها .
الرئيس الامريكي دونالد ترامب الذي اقحم امريكا منذ تنصيبه في حقل التناقضات والخط السريع للسقوط والانهيار السياسي والاقتصادي والامني بقراراته الغبية والمتسرعة فقد خلف جملة من التداعيات الكارثية ابتي زعزعت الموقع والثقل الامريكي الدولي الانسجام الداخلي ابرزها تكك النظام والمجتمع الامريكي وذاهبه الى مربع الانقسامات والصدامات البينية الساخنة حيث اصبح ترامب وادراته حاليا قطب والدولة الامريكية العميقة قطب اخر مضاد ومابينهما خلافات حادة وصلت لمستوى الاضرار والصدام الذي يجهض مسار صنع القرار وتوجيه .فة السياسية الامريكية والذي كان اخره الخلاف على تشريع موازنه انشاء جدار المكسيك والاغلاق الحكومي الذي كان له تأثيراته المباشرة على المواطنين والموظفين الامريكيين انفسهم.
 
الحديث يطول ولكن خلاصة القول هي ان امريكا اليوم وفي هذا العالم الجديد 2019 حرفيا اصبحت في طور السقوط والذوبان الاستراتيجي وبدأت تفقد قيمتها وثقلها وهيبتها كدولة قصوى تتحكم بالعالم الى دولة متداعية ومتفككة مع مرور كل ساعة ، فروسيا والصين استطاعتا كسر شوكتها في مجال سباق التسلح والتوازن الاستراتيجي والاقتصادي وقداستطاعتا ايضا جرحها بجروح استراتيجية في منظومة هيمنتها بالشرق الاوسط والمنطقة بدعمهما دول ممانعة كايران وغيرها انشاء تحالفات معهم وهذا هو ما افقد واشنطن مبادرة التدخل العسكري الاستباقي الذي تعتمده في ترسيخ وتثبيت هيمنتها بالميدل آيست وعليه فقد صارت ضعيفة لاتقوى حتى على الدخول في حرب مع ايران او حتى حماية اقرب حلفاءها “اسرائيل ” من ادنى تهديد قادم ..بالتالي فالسقوط الامريكي اصبح حقيقي ولانتتظر حاليا سوى لحظة ارتطامها بالارض والذي لن يكون بالمنظور البعيد فالاحداث القادمة كبرى ومفصلية كفيله برسم لوحة جيوبليتيكية جديدة لخارطة العالم المستقبلي دون هيمنة امريكا .