المقالات

مفاوضات الحديدة

الجديد برس : رأي

أحمد الحسني

في الوقت الذي أعلن فيه العالم على لسان المبعوث الأممي عجزه عن عقد جولة تفاوضية يجمل بها وجه إنسانيته التي قامر بها منذ ثلاثة أعوام ونصف في ماخور تحالف العدوان على اليمن وتتفنن المملكة السعودية والإمارات في امتهانها يوميا بشتى الجرائم والانتهاكات، وفيما يواصل صبية النفط تبولهم على كل المواثيق والقوانين الدولية وتنثر طائراتهم أشلاء نسائنا المتفحمة على طاولات اليونيسيف وتصفع بدفاتر أطفالنا المختلطة بالدم ومزع اللحم وجه اليونسكو، وفيما تدوس نعال نجد وأبوظبي على كل القيم الإنسانية وتلمع أحذيتها بربطات الحريرية الفخمة لسفراء الخمس، والست، والعشرين، في الوقت الذي يعلن العالم عجزه عن أن يكون شريفا ولو شكليا أمام خزانات بن سلمان وبن زايد، وفي الوقت الذي يفضل فيه عالم المرابين أن يعلن فشله على أن يتخذ قراراً؛ ثمة أحرار يمنيون يمرغون أنف الغطرسة السعودية الإماراتية التي يبصبص لها بأذنابهم كل مرابي العالم الحر.. ثمة أباة يأنفون من إعلان العجز عن مواجهة الهمجية ويحيلون بعزيمتهم رمال الساحل المنبسط
 كراحة اليد معاقل وقلاعا منيعة على مرتزقتها بمدرعاتهم وغطاء طائراتهم وإسناد بوارجهم… ثمة شرفاء لا يقامرون بقيمهم في بورصات النفط ولا يساومون عليها في مزادات الرياض وأبوظبي والدوحة… ثمة مفاوضات حقيقية يديرونها بكفاءة عالية في الحديدة كممثلين حصريين لقيم الإنسانية النبيلة وكافة القوانين والأعراف الدولية.
هذه ليست حرباً بين اليمن والتحالف، ولكنها في واقع الأمر حرب التحالف على العالم في اليمن، العدوان في مواجهة القانون الدولي، الحصار في مواجهة القانون الدولي والدولي الإنساني، الفظائع والجرائم وقصف الممتلكات العامة والخاصة والاغتيالات بالطائرات وقصف الأفراح والمآتم والأحياء السكنية وقتل النساء والأطفال وحتي البهائم والمزارع وتدمير مواقع التراث العالمي ودعم الإرهاب ورفع رايات التنظيمات الإرهابية على مدرعات التحالف وقصف المنشآت المدنية الحيوية من مطارات وموانئ ومستشفيات ومصانع أغذية ومزارع، والقرصنة على السفن التجارية والاغتصاب و… و… و… إلى آخر قائمة الفظائع اليومية والجرائم ضد البشرية إضافة إلى قصف المنشآت التابعة للمنظمات الأممية والاعتداء على حرية تنقل البعثات الدبلوماسية والوفود التفاوضية… كل ذلك حرب على العالم وقيمه ومواثيقه وأعرافه، انها راية الهمجية والإرهاب في مواجهة الحضارة والمدنية والإنسانية. وقد استسلم العالم بمنظماته وتحالفاته الجبارة وقواه العظمى عسكريا والعظمى حضاريا والعظمى علميا والعظمى… والعظمى… وتخلى عن هويته وكل نظرياته وقوانينه ومشى خانعا في ركاب بن سلمان وبن زايد وبن تميم، ولم يبق من يمثل كل تلك القيم الإنسانية والحضارية ويدافع عنها وعن منشآت المنظمات الدولية في مواجهة الهمجية المترفة التي يتزعمها بن سلمان وبن زايد غير أولئك الأبطال في الساحل الغربي وغيره من جبهات البسالة والصمود. لقد أعلن العالم استسلامه أمام تحالف الهمجية، وانتصرنا نحن بأولئك الأبطال البواسل ولم يبق إلا أن تعلن الهمجية استسلامها في الخندق أو على الطاولة.