الأخبار المحلية تقارير ودراسات

تقرير : آباء الفيد وأبناؤه ( جنوب 7 / 7 )

الجديد برس : لا

تقرير – صلاح العلي
7/7، ختام سبعين يوماً من حربٍ شمرت سواعدها فوق رؤوس المساكين من أبناء المحافظات اليمنية الجنوبية عام 94م. ففي الـ27 من أبريل، أعلنت سلطة العمالة والإرهاب الحرب على أبناء الجنوب وقيادة (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) سابقاً، لتفجر شرخاً اجتماعياً رهيباً لم تتوقف آثاره حتى اللحظة، خاصة وأن سلطة البطش والفيد والإرهاب، التي تزعمها صالح والشيخ الأحمر لعقود؛ لم تتوقف لحظة عن إذكائه بأعمال القرصنة على الممتلكات العامة والخاصة وجرائم القمع والتهجير والتصفيات ومصادرة الأعمال والتسريح…
مثلت حرب صيف 94م الظالمة محطة مظلمة من تاريخ اليمن، فاستبدلت (الاشتراكية) بالوهابية، والهوية اليمنية الجامعة بهويات (زقاقية) و(جنوب عربية) والحرب على القيم والثقافة الوطنية المتجذرة.
وقفت الرياض والإخوان والوهابية والقاعدة وواشنطن وسلطة صالح والشيخ الأحمر ومراكز النفوذ في صف واحد يخوضون الحرب بلا هوادة بغطاء تشريع سيل فتاوى تكفير واستباحة أطلقها فقهاء السلطة، على رأسهم الزنداني والديلمي، الذين خاضوا من فترات مبكرة جداً تحريضاً وتشويهاً واسعاً لـ(اليمن الديمقراطي) وأبناء الجنوب تحت عناوين واهية عدة، واختتمت بإباحة دمائهم وأموالهم أمام جيوش القاعدة والوهابية بالآلاف.
إليكم أهم ما أثمرته تلك الحرب الظالمة:
– في عدن وحدها، نُهب 1357 مسكناً ومقراً ومنشأة، 63 منها حكومية.
– أكثر من 500 مصنع ومعمل ومؤسسة وشركة ومصلحة وقعت تحت طائل النهب والتخريب والخصخصة لصالح النافذين.
– أكثر من 33 مزرعة تابعة للدولة وبمساحة 28 ألف فدان تم نهبها منذ 94م وتحويلها إلى ملكيات شخصية لمجموعة ناهبين ولصوص على رأسهم علي صالح وأفراد من أسرته وأسرة الشيخ الأحمر والجنرال العجوز محسن، وآخرون من النافذين والتجار الكبار مثل مجموعة هائل سعيد.
– استولي 408 نافذين على أراضٍ غير مزروعة في عدن ولحج فقط، تقدر بأكثر من 100 ألف فدان، تعادل حوالي 425 مليون متر مربع، أي حوالي 500 كيلومتر مربع، وهو ما يعادل ثلثي مساحة عدن البالغة 700 كيلومتر مربع.
– أكثر من 7000 شهيد وأكثر من 10 آلاف جريح، مدني وعسكري، خلال حرب 94م.
– اغتيال أكثر من 100 شخصية قيادية اشتراكية في الفترة 90-94م.
– أكثر من 800 شهيد و5 آلاف جريح منذ تأسيس الحراك في 2007م، بيد السلطة التي كانت تقمع تظاهراتهم السلمية، وارتكاب عشرات الجرائم الجماعية منها جريمة القصف الجوي لسكان المعجلة بمحافظة أبين في 9 ديسمبر 2009م، ومجزرة 21 فبراير 2013م في عدن، واستهداف عرس مواطنين في الضالع بقصف مدفعي، وتفجيرات مصنع الذخيرة بأبين 2011م، وغيرها الكثير…
– تدمير ونهب أكثر من 100 لواء ومعسكر ومنشأة تعليمية تابعة لجيش اليمن الديمقراطي سابقاً.
– خسائر مادية نتيجة الحرب قدرت بـ11 مليار دولار، وتقارير أخرى تقول إنها بلغت 35 مليار دولار.
– تسريح أكثر من 120 ألف موظف جنوبي وشمالي محسوبين على (اليمن الديمقراطي) مدني وعسكري من وظائفهم.
– أُحيل إلى التقاعد الإجباري 566 ألف عامل وموظف من الكوادر والكفاءات المؤهلة وهم دون السن القانونية.
– تشريد نصف مليون يمني من أبناء الجنوب والقيادات إثر حرب 94م.
ما بعد الحرب الظالمة
كنتيجة لما جرى من ظلم ومعاناة صار الشارع الجنوبي يحمل الضغينة -المعززة مخابراتياً- لكل ما هو شمالي، باعتبار أن (سلطة الشمال بصنعاء) هي التي شنت الحرب عليهم، وتتالياً حتى صارت الدعوة (احتلالاً شمالياً للجنوب)، ثم تطورت إلى (احتلالٍ من اليمن لشعب الجنوب)! وقد ظهرت هذه الدعوة في الخطاب الأول للرئيس السابق البيض منذ 13 عاماً كان خلالها معتكفاً في الإمارات منذ 94م، حيث ظهر مطالباً باستعادة (الجنوب العربي)، وذلك خلال أحداث 2007م المتفجرة بشرارة قرارات التسريح والتقاعد الإجباري للموظفين المحسوبين على (اليمن الديمقراطي)، ومعظمهم من المحافظات الجنوبية.
قادة النهب قادة التحرير!
بيد أن الواقع الراهن في المحافظات الجنوبية هو الأكثر مثاراً للتعجب والحزن!
فعقب ثورة 21 أيلول، راحت مراكز النفوذ تفر من أمام الشعب الثائر الذي أحكم سيطرته على العاصمة في 2014م، ودك أهم قلاعها الممثلة بالفرقة الأولى مدرع التابعة لمحسن، وقبلها بأشهر اللواء 310 التابع للقشيبي الإخواني في عمران، أبشع جنرالات حرب 94م، ومقرات الإصلاح الإرهابية التي استباحت المحافظات الجنوبية، ولاحقاً سقوط الفار هادي وزير دفاع حرب 94م التابع لصالح ومحسن.
وفي 2 ديسمبر 2017م، سقط أكبر مراكز النفوذ المسؤولة الأولى عن الحرب على المحافظات الجنوبية والحزب الاشتراكي، علي صالح وأهم القادة المجرمين التابعين له، بعد محاولة غدرهم بالثورة التي اختار تأجيل المعركة معها في 2014م.
غير أن المفاجأة، لاسيما بعد بدء العدوان على اليمن، أن الفارين من صنعاء تباعاً، غادروا إلى عدن، وهناك أمنوا أنفسهم تحت الحماية والهيمنة للاحتلال الإماراتي، لينخرطوا جميعاً، إلى جانب آلاف المرتزقة الأجانب، في حرب قذرة واحدة تشن ضد أبناء الجيش واللجان الشعبية وأبناء المحافظات الشمالية لاسيما في الساحل الغربي!
واقع الحال يقول: نسي الإخوة أعداءهم وذابحيهم، ووجهوا بنادقهم نحو صدور من شاطروهم المعاناة والظلم، وخلت وبرأت أيديهم من دماء الضحايا الجنوبيين.
ولعل تواجد طارق عفاش وآخرين من أسرة عفاش، وكبار قيادات عسكرية وسياسية كانت ضمن سلطة (عصابة 7/7)، يشي بهذا التناقض الصارخ، وأكثر من ذلك، إعلان (تحرير الجنوب)! لكن من (الشمال) الذي فر نافذوه إلى عدن بعد ثورة الشعب المظلوم عليهم في 21 أيلول، لتصير اليوم بيد قوات تحالف العدوان بالمقدمة الإمارات التي تُعرَّف اليوم في الإعلام الجنوبي بـ: الاحتلال.
الإخوة الأعداء!
كان قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي، منذ البداية، واقفاً إلى جانب القضية الجنوبية، مؤمناً بعدالتها وضرورة إنصافها، بينما شكل ممثلو الطرفين خلال (مؤتمر الحوار الوطني الشامل) تحالفاً قوياً أزعج قوى العمالة ومدراءها الدوليين والإقليميين، فاتجه هادي لتغيير محمد علي أحمد بتابع عميل هو ياسين مكاوي الذي انقلب على كل مطالب الحراك الجنوبي.
وقبل ذلك، كان الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين، هو البرلماني الوحيد الذي رفض حرب 94م، وندد بها، وأصدر بياناً ضدها في تلك الفترة، فضلاً عن تنظيم مسيرات شعبية في محافظة صعدة رفضاً وتنديداً بالحرب الظالمة، وتضامناً مع أبناء الجنوب والحزب الاشتراكي.
وبعد بفترة وجيزة استقال الشهيد القائد من مجلس النواب على خلفية ما جرى والمسار الذي ذهب إليه البلد. واتجه الشهيد القائد لتعزيز ارتباطه بالجماهير المسحوقة في شمال الشمال، وتحديداً صعدة، وغيرها من المناطق التي عاشت بطشاً وتهميشاً واستهدافاً لا يقل وطأة عما لاقته المحافظات الجنوبية. ومن هناك فجر ثورة ومسيرة انتصار للشعب المسحوق المُفقر، كانت ترى ولا تزال، في جموع الشعب المظلوم جنوباً إخوة في الدم والأرض والمظلومية والدين والقضية، ولا يكون الانتصار إلا بهم ولهم جميعاً.
من جانب آخر، لا تخفى التقارير والشواهد والمعلومات، التي تقول بتمويل السعودية وأمريكا والإمارات لحرب 94م الظالمة، وتوفير الغطاء لها طيلة 70 يوماً، ثم الفترة اللاحقة لها. وكانت السعودية تنشط في الجانبين بغرض تمزيق النسيج الاجتماعي اليمني وتشطير الأرض بغية تلبية المصالح الإمبريالية الاحتلالية لليمن وسواحله. وتلك حقيقة موضوعية يشهد عليها أبناء المحافظات الجنوبية أنفسهم اليوم.
 مفرمة لا يتوقف الجنوبيون 
عن الارتماء فيها!
منذ اليوم الأول للعدوان، دفع تحالف العدوان أبناء الجنوب للمواجهة مع إخوانهم الشماليين، لاسيما في الساحل الغربي والحد الشمالي، لتكون الفاتورة يمنية صرفة لحرب احتلال وتمزيق توهم فيها القيادات المرتزقة من الشمال والجنوب أنهم سيكونون الحاكمين بعد انتهائها، وما حدث هو التهميش والإقالة أو المعتقلات، كما جرى مع بحاح أو بن دغر أو المخلافي، فيما السجون الإماراتية في عدن والمكلا وغيرها، تعج بالسجناء الجنوبيين الذين يعانون أبشع أنواع التنكيل والتعذيب طبقاً لتقارير جهات دولية مثل (هيومن رايتس ووتش).
ويردد الإعلام الجنوبي أن الإمارات وتحالف العدوان يريدون إفراغ الساحة من أبناء الجنوب ليسهل احتلالها دون مقاومة. ولعل القيادي الحراكي حسن باعوم، من أبرز الشخصيات التي تتفق وحقيقة أن (التحالف) يقوم باحتلال المحافظات الجنوبية وينهب ثرواتها.
وفي حديث خاص لصحيفة (لا) مع القيادي الحراكي الدكتور في جامعة عدن سامي عطا، علق على ما سبق بالقول: إن الحراك منذ 2011 تم اختراقه من عدة أطراف، مثل الناخبي الذي صار لاحقاً مساعداً لعلي محسن، وشلال شائع الذي كان يتسلم أموالاً من مكتب الرئاسة بصنعاء من صالح، وله علاقات وطيدة مع سلطة 7/7.
ويضيف أن الإمارات بدورها عملت من فترة مبكرة لاختراق الحراك، واشترت وأعدت الكثير من القيادات في سياق المشروع الاستعماري المبيت من فترات طويلة.. يوضح عطا: الناس غرائزيين وعاطفيون، والوعي والذاكرة ضعيفة، والتعبئة والإعلام المعادي له دور في وصول أبناء الجنوب إلى هذا الوضع الكارثي. إضافة إلى المال السعودي الذي استغل حاجة الناس ومعاناتهم. الناس مستضعفة، والأغلبية صامتة فاقدة الحيلة. وفعلياً، هناك الكثيرون من الجنوبيين والحراكيين يتوجهون الآن إلى صنعاء بعد تعرضهم للتهميش من الاحتلال، أو تكشف الوجه الحقيقي لما يجري في الجنوب.
يؤكد الدكتور سامي أن هذا الوضع مؤقت، وسيتلاشى أمام الجهود الجماعية المنظمة الجادة بالمقدمة لأبناء المحافظات الجنوبية، وبأن الناس هناك مجبرون على أمرهم، لافتاً إلى أن الشارع الجنوبي سيصل إلى مرحلة الانفجار بوجه الغزاة لا محالة.