رأى الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله أنّنا أصبحنا أمام مرحلة جديدة في سوريا، تكمن أهميّتها في «كسر الهيبة الاسرائيلية»، وذلك بعد المواجهة الأخيرة مع العدوّ الاسرائيلي على أرض الجولان السوري المُحتلّ، للمرة الأولى منذ عام 1973. إذا أُضيفت هذه المواجهة إلى إسقاط الطائرة الحربية الاسرائيلية في 10 آذار الماضي، «نكون أمام تطورات على درجة عالية من الأهمية». 55 صاروخاً أُطلقت على الأهداف الاسرائيلية في الجولان، كما كَشَف نصرالله، حاملةً رسائل عدّة إلى الكيان الاسرائيلي. فإذا كان الاسرائيلي يتوقع أنّ بمقدوره التصرّف «من دون أن يلقى ردّ فعل، فهو خاطئ». مرحلة جديدة أسّس لها الهجوم الصاروخي، وقد بانت «بالتدابير الجديدة لحركة سلاح الجوّ الاسرائيلي». وهو حصل «على الرغم من التهديد والتهويل الاسرائيليين، من دون أن يتجرأ (العدّو) على تخطّي الخطوط الحمراء في سوريا». وقد أعلن نصرالله أنّه «جرى إبلاغ العدّو، عبر جهة دولية، أنّه إذا تجاوز الردّ الإسرائيلي الخطوط الحمراء السورية، فالقصف التالي سيكون في قلب فلسطين المحتلّة». أثبتت هذه التجربة «فشل الجهود العسكرية الاسرائيلية، التي لم تتمكن من منع وصول العدد الأكبر من الصواريخ إلى المواقع الاسرائيلية، وكَذِب قيادة العدّو بأنّ الجبهة الداخلية جاهزة للحرب». أمّا «المُخزي» في ما حصل، فكان «الموقف الخليجي المُعيب».
حجر الزاوية في خطاب نصرالله أمس، كان فلسطين. وجّه نصرالله، أمس، رسالةً إلى الفلسطينيين، شعباً ومقاومة وسلطة، بأنّ المطلوب منهم لمواجهة ما يسمّى «صفقة القرن»، هو «عدم التوقيع». كما أنّ على محور المقاومة «وشعوب منطقتنا، أن يبقوا واقفين وصامدين، ولا يخضعوا ولا يركعوا حتّى لو تمّت معاقبتهم ومحاصرتهم». كلام نصرالله تزامن مع الذكرى الـ70 للنكبة الفلسطينية، والمجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال، أمس، بحقّ المُشاركين في «مسيرة العودة الكُبرى». وكَشَف نصرالله أنّ مشروع «صفقة القرن» ينصّ على: القدس «إسرائيلية»، لا عودة للاجئين الفلسطينيين، الدولة الفلسطينية هي غزّة، سلام شامل… «يعني ذلك تصفية القضية الفلسطينية»، قال نصرالله. ومن أجل هذا الهدف، «يحصل الضغط على إيران، وقمّته هو الانسحاب من الاتفاق النووي وتشديد العقوبات، والضغط على لبنان، وتشديد الحصار على غزّة». وأضاف أنّ «المشروع الحالي له ثلاثة أضلع: ترامب ونتنياهو وبن سلمان، وسقوط أحدهم يزيل المشروع بكامله». وكان نصرالله قد بدأ حديثه بالقول إنّه لا قيمة لدى الولايات المتحدة الأميركية سوى لمصالحها ومصالح إسرائيل، من دون احترامٍ لـ«المجتمع الدولي» وقراراته والمواثيق العالمية. حتّى مصالح «الحلفاء الأوروبيين، بالالتزام بالاتفاق النووي، لم تُراعها أميركا، فهل ستسأل عمّن تعتبرهم مُجرد أدوات في العالم الثالث». لذلك، إذا كان هناك في فلسطين «من يُراهن على الأميركان لحلّ القضية، يكون يعيش في الأوهام».


«أخي وعزيزي، عُدت شهيداً وحاملاً للواء النصر»
في الذكرى الثانية لاستشهاد القائد مصطفى بدر الدين، أطلّ السيّد حسن نصرالله ليتحدّث عن «السيد ذو الفقار»، الذي كان من الأوائل الذين أسّسوا للعمل الجهادي والحالة الاسلامية، ومن الذين «قضوا عمرهم في هذا التاريخ والساحة والميدان، وأبدعوا فيه». ذَكر نصرالله بعض صفات بدر الدين، قبل الانتقال إلى الشقّ العملي. فإضافةً إلى الشخصية الجامدة والقاسية «في مواجهة أعداء الأمة»، كان بدر الدين انساناً حنوناً، عطوفاً، وهذا ليس تناقضاً: «الشدّة التي ترتكز على خلفية إيمانية، تستطيع أن تجتمع مع الرحمة التي ترتكز على خلفية إيمانية».
أما في الجانب المهني، فقد تحمّل بدر الدين «مسؤوليات أساسية في الجهاد، تحديداً الأمني والعسكري». هو قائد المعركة في مواجهة عناقيد الغضب عام 1996. وبعد عام 2000، ثم استشهاد الحاج عماد مغنية، قاد بدر الدين «المواجهة الأمنية مع العدو، ودعم فصائل المقاومة الفلسطينية، وانطلاق بعض فصائل المقاومة ضد العدوان الأميركي والتنظيمات الارهابية في العراق، وصولاً إلى ساحة سوريا، التي تحمّل مسؤوليتها، ودماؤه الزكية أعطت دفعاً لإخواننا في مزيد من الحضور والمساهمة في انتصارات حلب». توجّه نصرالله إلى بدر الدين، بالقول: «يا سيّد وأخي وعزيزي، لقد عُدت شهيداً وحاملاً للواء النصر، وأنت في عليائك يُمكنك أن تكون مُطمئن البال. وإنّ الانتصارات الكُبرى ها هي اليوم تتحقق، وإخوتك لهم مساهمات فيها. الانتصار الحقيقي في سوريا، صنعه بالدرجة الاولى السوريون، أما الحلفاء فكان لهم شرف المساهمة في صنعه».