المقالات

قراءة .. في اوراق المعركة

الجديد برس : رأي

علي احمد جاحز
الهزيمة ليست ان تخسر موقعا او مساحة جغرافية أو ولاء بعض ضعفاء النفوس ، الهزيمة هي ان يتمكن عدوك من جعلك تنهار و تفقد البوصلة وتذهب بعيدا عن أهدافك و قضيتك ومبادئك وتجعله يحقق اهدافه من خلال اسقاطك قيميا .

وكذلك النصر ، ليس ان تتقدم في جغرافيا معينة وتكسب موقعا او منطقة ، بل ان تتمكن من جعل عدوك يفشل في تحقيق اهدافه ويغرق ويتوه ويتخبط ويستنفد حيله وامكااته دون ان يحقق منها شيئا، وانت تمضي في الطريق الذي رسمته وتشتغل بهدوء وثقة على تجاوز كل العوائق التي وضعها في طريقك وتتمسك بشعاراك ومبادئك بثبات وصبر .

في هذه الحالة حتما العدو سيهزم مهما امتلك من امكانات ومهما حقق من انجازات في ارض المعركة ، وانت ستنتصر حتما مهما كان ضعف امكاناتك وقدراتك العسكرية والاقتصادية ومهما خسرت من مساحات في الجبهات ومهما كانت الكلفة عالية مادمت صامدا وثابتا ولم تستسلم لا عسكريا ولا قيميا .

هكذا هو الحال في معركتنا مع العدوان بكل اشكاله ، نحن في موقع الصد والدفاع وعدونا في موقع الهجوم والاعتداء ، وبالتالي فانه مهما تقدم ودمر وقتل ، لا يرى في ذلك انجازا يشبع رغبته ويحقق اهدافه مالم نستسلم ونسقط تحت اقدام بطشه ووحشيته متخلين عما نتمسك به .

بينما نحن نرى في كل معركة ثبات وفي كل صد زحف وفي كل يوم صمود وفي كل يوم بناء لما تم تدميره وفي كل انجاز لبديل عما تم استهدافه وفي كل تطبيع لوضع مؤسسات الدولة وترتيب الواقع السياسي والاداري والاقتصادي والاجتماعي ووو الخ ، نرى فيه نصرا كبيرا، لاننا بكل بساطة نجحنا في افشال اهدافه وتجاوزنا العوائق التي وضعها .

ومن هذا المنطلق نستطيع ان نقيم مسار معركتنا مع ابشع واشنع عدوان وحصار شهدته اليمن ، وبمنهجية واضحة وعادلة ومنصفة ، لنعرف أين كنا ، واين كان يراد لنا ان نكون ، وأين اصبحنا ، وكيف نجحنا في ان نكون حيث نحن لا حيث كان يراد لنا ان نكون .؟؟!!

على المستوى العسكري ، لا مجال للنقاش في ما انجزته قوات الجيش واللجان الشعبية على صعيد الثبات والتصدي البطولي في كل الجبهات ، او على صعيد الاعداد والتطوير والتصنيع والاكتفاء وبشكل متسارع وفعال وقوي واستراتيجي من صناعة الذخيرة الى تطوير مديات الصواريخ الباليستية الذي اذهل العالم وجعله يقف على قدم واحدة ، فضلا عن الامكانات النوعية والتي اخرها العملية المشتركة بين الطيران المسير والصواريخ الباليستية .

وبالتوازي لم يكن يتوقع احد ان يستمر مسار الحشد والتعبئة وبوتيرة تصاعدية وبعلاقة عكسية مع اشتداد الحصار والانهاك الاقتصادي والحملات المصاحبة له اعلاميا من تهويل وارجاف وتشويه ، وهذا يعد انتصارا اجتماعيا وشعبيا كبيرا افشل مخططات كبرى للعدوان .

ومؤخرا على مستوى الاداء المؤسسي في الدولة ، نستطيع ان نقول وبكل ثقة ان مجرد المقارنة بين وجود الدولة بمفهومها الشكلي والعملي والعملي في صنعاء والمحافظات التي تحت سلطاتها وبين وجودها في المناطق المحتلة ، غير عادل باي حال ، برغم فارق الامكانات والدعم والغطاء الدولي سياسيا واقتصاديا وعسكريا .

في المناطق المحتلة التي تشهد فوضى وحكم عصابات وميليشيات وغياب كلي للدولة مع بقائها شكليا ، سقطت كل مفاهيم التعايش والادارة والعملية السياسية والأمن والدورة الاقتصادية وايضا سقطت القيم والقضايا والشعارات والمنطلقات التي كانت تحملها المكونات السياسية والاجتماعية والشعبية ايضا .

في صنعاء تجد الدولة والتعايش والانسانية والامن والقضاء والقيم والمبادئ والقضايا الوطنية والمنطلقات الثابتة والدورة الاقتصادية والتكافل والجهود الدؤوبة لترتيب الحياة والتكامل بين الدولة والمجتمع للحفاظ على دورة حياتية طبيعية برغم القصف المستمر والحصار المطبق والعزلة التامة .

الان ومن خلال هذه الاسطر المعدودة هل نستطيع ان نقيم مسار المعركة ، ونرى بام اعيننا من سينتصر .؟!
بإذن الله سننتصر
———
يوميات – صحيفة الثورة – عدد اليوم الاربعاء الموافق 14 فبراير 2018م