المقالات

حرب “الملهاة” تدخل عامها الثالث..إلى أين يُمضى بهذا اليمن؟

الجديد برس : رأي

نبيل نايلي –باحث في الفكر الإستراتيجي الأمريكي

“المهلة الأمريكية قد لا تنفع كثيرا في التسريع بإنهاء العمليات العسكرية قبل نهاية العام لأن أطرافا مهمة في تحالف عاصفة الحزم كالإمارات العربية المتحدة لا ترغب في الحسم الميداني دون معرفة البديل السياسي لتحالف الحوثي وصالح.” مصادر حكومية يمنية.

تدخل حرب الملهاة على اليمن التي تخوضها السعودية عامها الثالث بعد أن تحوّلت “عاصفة الحزم” التي تُخاض بـحوالـى 200 آف 16 F، إلى حرب “إعادة الأمل” وأعيد اليمنيين إلى ما قبل “العصر الحجري” دمارا وتخريبا ممنهجا لا يزال مستمرّا رغم التقارير التي أكّدت حدوث جرائم حرب بشهادة تجّار السلاح أنفسهم، ومنظمات وهيئات أممية. ما يزيد عن 7700 ضحية و42 ألف جريح، وبات اليمن “السعيد” على حافة المجاعة، وما يزيد عن 19 مليون في حاجة للمساعدة الغذائية من بينهم 7 ملايين في أمس الحاجة للغذاء من أجل البقاء!

هذه منظمة الأمم المتحدة للطفولة، اليونيسف، UNICEF، تعلن أن:

– مئات الآلاف من الأطفال هناك في خطر شديد،

– حوالى 462 ألف طفل في اليمن يعانون من نقص حاد في التغذية بسبب انعدام الأمن الغذائي وانهيار شبكات إمداد الماء في العديد من المدن،

– عدد الأطفال المعرّضين لخطر شديد في اليمن ارتفع بذلك بمقدار 200% مقارنة بعام 2014،

– التأثيرات الكارثية للنزاع في اليمن لا يتمّ الالتفات إليها بالقدر الكافي بسبب العديد من النزاعات الدولية الأخرى،

– حوالى 50% من سكان أفقر دولة في منطقة الشرق الأوسط يعيشون حاليا بدخل يقلّ عن دولارين يوميا،

– الكثير من المواطنين في اليمن لم يتبق لهم شيئا سوى الاستدانة من أجل شراء طعام لأطفالهم أو إسقاط وجبات غذائية،

– لا يذهب حوالى مليونيْ طفل إلى المدارس في اليمن بسبب المخاطر الأمنية وأيضا لاضطرارهم للعمل،
– الكثير من الآباء يسمحون بدافع اليأس وانعدام الفرص بتجنيد أطفالهم في مليشيات وزواج بناتهم في سنّ مبكّرة على أمل حصولهن على إمدادات أفضل للاحتياجات الأساسية،

اليونيسيف خلُصت في تقريرها إلى مناشدة “أطراف النزاع والمجتمع الدولي الحيلولة دون حدوث مجاعة في اليمن وتأمين إمدادات المواطنين بالمنتجات الضرورية للحياة”!!

إلى متى سيخوض هؤلاء “الأشاوس” حربهم البغيضة هذه، يدمّرون الحرث والنسل ويخوضون بالنيابة حروب الوكالة في سوريا وليبيا والعراق؟

هل يعي هؤلاء الذين كفروا بالجغرافيا ثم سفّهوا التاريخ والمصير المشترك أن وضع اليمن كما الوضع في سوريا والعراق ستكون تبعاته ومضاعفاته وخيمة على الأمن الوطني والقومي ولو بعد حين!

كما كان اليمن طوال سنوات السلم من مسؤوليات السعودية والخليجية عموما، تحت جميع المسميات، أولها واجب الجيرة، حتى لا نلزم الجماعة بالواجب القومي، نهاية بالعمق الإستراتيجي، أضحى الآن مسؤولية حرب، وحملا ثقيلا سينوء به الكاهل الملكي خلال وبعد العملية العسكرية المكلفة على جميع المستويات، وبعد نهايتها، لأن السعودية ستكون شاءت أم أبت ملزمة بضخّ ما بخلت به لإعادة إعمار ما دمّرته طائرات تحالفها الذي سينفضّ ولا نظنّه يملك ما سيتبرّع به للإخوة اليمنيين، فضلا عن الشرخ والتصدّع العميق الذي أحدثته في العلاقة مع اليمن الذي يُترك يلعق جراحه المثخنة دون تغيير وحيد في المعطيات وسط غياب ملامح اتفاق سياسي يخرج البلاد من نفقها المظلم!

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي سبق وعيّر الخليجيين بأنهم “لا يملكون شيئا سوى المال” أعطى، خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن، “الضوء الأخضر للمملكة لمواصلة عملياتها العسكرية في اليمن إلى موفّى العام الجاري بهدف تحقيق الحسم العسكري، أو على الأقل تحقيق تقدّم ميداني ملموس يمنحها أفضلية في المشاورات السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة”.
كما كشفت هذه الصحيفة أنه “تم الاتفاق على مواصلة الدعم الاستخباراتي الأمريكي للتحالف، والاستمرار في صفقات السلاح وفق ما تمليه الحاجة السعودية، والضغط داخل أروقة الأمم المتحدة لصياغة حل يرضي واشنطن والرياض”!

وكيف لا يسمح دونالد ترامب بمواصلتها، حرب الملهاة هذه كما الحرب على سوريا والعراق وليبيا، الشماعة لـ”محاربة الإرهاب” أو “الدجاجة” التي تبيض بترولا وذهبا لشركات السلاح الأمريكية والغربية وشركات النهب الاعماري بعد تدميرها!

ألم يقل وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، Rex Tillerson، وبوضوح لا لبس فيه: إنّ “التحالف لا شأن له ببناء وطن أو بإعادة اعمار!”؟
ألا يفقهون؟ أم بهم صمم؟